205كان هناك لكي يأتينا بالأنباء، ولحقه بعض المسلمين إلى المكان المشار إليه فوجدوه وقد أُخذ كلّ شيء عنده فبادروا لإنقاذه منهم ومما يعاني من الآلام، وعلم أنه لو لم يذهبوا هناك لقُتِلَ المشار إليه. تصوروا إلىٰ أيّ حَدّ وصل الحقد والعداوة عند هؤلاء ضدّ (الشيعة) ، اِذ لم يتورّعوا حتىٰ عن قَتْل مساكين كهذا الحاج!
أربع ساعات مضينَ من يوم الخميس، ركبنا من منزل (بئر قچي) وسِرنا.
مع حساب هذا اليوم بقيَ لنا منازل ثلاثة أُخرىٰ حتى المدينة المنوّرة. هذا هو منزل (بني الحرين) . قَسَمَ اللّٰه الرحمن لنا الوصول بسلامة وبركة إلى تلك المدينة المباركة والتّشرّف بها وزيارتها. مضت أربع ساعات من ليلة الجمعة من محرّم، وصلنا منزل (خيام) . اسم هذا المنزل كما يبدو هو (عكّام) ، فاذا وُجِدَ هنا أيّ غلط أو اشتباه فالمُقَصِّر في هذا هو الرّاوي.
صباح الجمعة السابع من محرّم 1298، تحرّكنا بعد طلوع الشمس، ولساعة ونصف الساعة بقيت للغروب، نزلنا لأداء صلاة الظهر والعصر، ومع كون الصحراء كلها مملوءة بالأشواك، إلّاأنّها صحراء نابضة بالحياة والجلال إلىٰ حَدّ لا يوصف. وقد كانت هناك بعض الاشجار التي لا تحتوي أوراقها على الاشواك، فسألنا عنها، قالوا: هي أشجار يخرج منها الصّمغ فيصنعون منه دهن البلسان.
كان جذع البعض منها سميكاً جدّاً، ولها أوراق صغيرة خضر كأوراق الصَّعْتَر.
وعلىٰ مسافة نصف ساعة أُخرىٰ من المسير، وجِدَتْ بئرٌ وأشجار النخيل تملأ المكان في الصحراء. ويبدو أَنّنا سنصل إلى المنزل الآخر بعد انقضاء أربع ساعات من اللّيل. علىٰ أي حال فإنّ هذه الجِمال الضعيفة المُتْعَبة وكلاب الجمال السود هذه سارت ببطء شديد جدّاً حتىٰ أنّنا وصلنا إلى الحجيج الشامي بعد أذان الصّبح، وكانوا علىٰ وشك التحرّك. لقد ظلّ الناس المساكين جالسين في محفّاتهم عشرين ساعة كاملة. أعانَ اللّٰه المساكين السائرين مَشْياً حتى وكأنهم أوشكوا على الهلاك. وحتىٰ نَصْب الخيام، تكون الصلاة قد فات وقتها. مَنَّ اللّٰه على القُنصل