115بالتعجيل إذا أراد المكلف ذلك، فعلّق التعجيل علىٰ إرادته، وما دام هذا الأمر معلقاً فهو خارج عن كونه على الفور؛ لأن الفورية أو التراخي يختصّان بالفعل المطلق كما ذكرنا ذلك.
ثم لو كان على الفور لما أخره صلى الله عليه و آله بعد وجوبه.
و إذا ما أردنا عدم ترك هذا الحديث فليس لنا إلّا أن نقول: إنه أمر يرادبه الندب. . .
ومع قولهم بالتراخي فإنهم يقولون: إن المستحب لمن وجب عليه الحج أن يُسارع في فعله، ودليلهم في هذا:
1 - قوله تعالىٰ: ( واستبقوا الخيرات) .
2 - لأنه إذا أخره عرّضه للفوات بحوادث الزمان، فكان الحزم والاحتياط المبادرة إلىٰ فعله متىٰ توافرت شرائط وجوبه وأدائه 1وبه قال الأوزاعي والثوري والقاضي أبو علي.
ومع أن وجوب الحج عند الشافعية على التراخي، إلّاأنهم قالوا أيضاً: إنّ من وجب عليه الحج، وتمكن من أدائه فمات بعد ذلك ولم يحج، فإنه يموت عاصياً على القول الأصح في مذهبهم؛ لأنه إنما جاز له تأخير الأداء وأنه لا يأثم بشرط سلامة العاقبة، وبشرط العزم علىٰ أداء الفريضة في المستقبل، وإمكان قيامه بالحج قبل وفاته، فلو خشي العجز أو خشي هلاك ماله حرم التأخير، فإن لم يفعل كان مفرطاً، فيكون عاصياً. أما التعجيل بالحج لمن وجب عليه فهو سنة عند الشافعي ما لم يمت، فإذا مات تبين أنه كان عاصياً من آخر سنوات الاستطاعة 2.
- الحنفية والحنابلة والمالكية وبعض الظاهرية:
وقد قالوا إن الحج مبنيٌّ على الفور واحتجوا بما يلي:
1 - قوله تعالىٰ: ( وللّٰه على الناس حجّ البيت من استطاع إليه سبيلاً) فهذا أمر بالحج، والأمر يقتضي الوجوب على الفور.