101وقت آخر مع ظنّه علىٰ أدائه في ذلك الوقت 1.
وأخيراً فالفور إذن ضد التراخي بالضبط.
المراد من الفورية:
وهل تلك الفورية لغةً هي المطلوبة بعينها، أي أن يبادر المكلّف من فوره، ويُسرع لامتثال ما أُمر به بلا أدنىٰ تأخير، وإلّا لا يعدّ ممتثلاً بل يعدّ عاصياً يستحق العقاب؟
وهل التراخي لغةً هو المطلوب أيضاً بكلّ معانيه التي ذكرت؟
الذي يظهر أن هاتين الكلمتين استخدمتا في علم الاُصول والفقه لا بمعناهما اللغوي الحقيقي بدقته وصرامته وشدته. فالفورية لا تعني المبادرة بشكل دقيق لمعنى السرعة والتعجيل وبلا فصل بين الأمر والامتثال، فتسبب بذلك احراجاً ليس للمكلف قدرة عليه، وبالتالي قد يصدق عليه أنه تكليف بما لا يطاق. .
ولا التراخي استعمل بشكله الممتد السمح، الذي لا يقف عند حدٍّ معين، وبالتالي يكون تضييعاً للأمر ولأهمية التكليف وللغرض منه وللمصالح المترتبة عليه وعلىٰ امتثاله. . فلا ذاك ولا هذا، بل المطلوب هو ما تعارف عليه العرف وما اطلق عليه بالفورية العرفية، التي لا تعني بحال الشدة والصرامة في التلبية والامتثال كما هو معنى الفورية لغة، ولا تعني التسيب الذي يؤدي إلىٰ تفويت الغرض كما هو معنى التراخي لغة.
فإذا ما أتى المكلف بامتثال الأمر فوراً فوراً وبلا أدنىٰ تراخٍ فقد عدّ ممتثلاً واستحق الأجر كلّه والثواب كلّه. وإذا تباطأ وتأخر وإن كان لزمن قليل فقد عدّ عاصياً يجب إنزال أقسىٰ عقوبة به. لا، ليس هذا هو المطلوب، وليست الشريعة سيفاً صارماً على الناس أبداً، وهو يتنافىٰ مع كونها رحمةً للعالمين وكونها الشريعة السهلة السمحاء. . فالفورية العرفية تلك هي الحلّ الأسمىٰ لمعنى الفور، فإذا قال المولىٰ لعبده: اِفعل كذا، فعل ولو بعد