127ولكن أخيراً ظهرت الحقيقة، ولم يستطع هذا المغامر أن يعمل شيئاً في البحر الأحمر سوىٰ اثارة بعض الضجّة والضوضاء وكتابة بعض الملاحظات، مع أنه هاجم «عدن» مرّة أخرىٰ، في رحلة العودة 1.
وفي الوقت الذي أقدم فيه هذا الأميرال علىٰ ارتكاب حماقته، كان قبطان إحدى السفن البرتغالية مسجوناً في عدن، ويسمىٰ «غريغوريو داكودرا» وقد أسر هو وجماعته، حينما جنحت سفينته إلىٰ شواطئ مقديشو، ومن ثمّ أرسلوه هديّة إلىٰ حاكم عدن، وظل سجيناً هناك حتىٰ عام 1516م، حين حدثت ثورة محلية أطاحت بذلك الحاكم الذي ألقاه سجيناً لمدة طويلة.
وقد حدث أن رغب الحاكم الجديد في أداء فريضة الحج. فاستطاع «داكوردا» بعد إعلان إسلامه أن يصاحب الحاكم إلى الحج. وفي المدينة المنوّرة أصيب فجأة بنوبة من نوبات الحماس المسيحي (هكذا تقول القصة) فأعلن بصوت عال عن أمله وأحلامه بأن يتحوّل المسجد العظيم أمامه إلىٰ كنيسة مسيحية، كما حدث في كنيسة السيّدة مريم في لشبونة.
وإزاء هذا التصرّف المتهوّر. . أطلق الحجاج سراحه وأعطوه مؤناً ونقوداً، ليلتحق بالقافلة الذاهبة إلىٰ دمشق، التي كانت قد غادرت المدينة قبل بضعة أيام. .
ويضل طريقه في الصحراء القاحلة، لتنقذه قافلة عابرة من موت محقّق، ولينطلق صوب البصرة، ثمّ سار علىٰ طول الخليج الفارسي إلىٰ مدينة «هرمز» حيث أحد المراكز البرتغالية، وكان أول رحالة أوروپي يعبر الصحارى الوسطى القفراء الواقعة بين المدينة المنوّرة ووادي دجلة والفرات، ومن هرمز سافر إلى الهند، وبعدها وجد سفينة أخرىٰ أرجعته إلى البرتغال، فوصل إليها عام 1520م، ولكنّه سرعان ما التحق بدير من الأديرة هناك 2.
ويظل القرن السادس عشر الذي كاد أن يطبع بصبغة برتغالية، شاهداً علىٰ محاولات أخرىٰ، علىٰ هذا الصعيد. ففي تموز (يوليو) 1565م حجّ إلىٰ مكّة المكرمة