128مملوك برتغالي الأصل مجهول الاسم، فكتب وصفاً دقيقاً عنها، برغم اختصاره، واقتضاب ما جاء فيه، وقد اكتشف ما كتبه هذا المملوك في السنوات الأخير «السنيور ديلافيدا» مكتوباً في حاشية كتاب عربي موجود في مكتبة الفاتيكان برقم 217. وكان هذا البرتغالي قد تحرّك من رابغ إلىٰ مكّة، في آخر يوم من حزيران، وهو يقول: إن الناس يذهبون عراة إلىٰ مكّة من هناك، مشيراً إلى الإحرام بطبيعة الحال.
وفي حوالى الوقت نفسه، حجّ إلىٰ مكّة كذلك رجل ألماني يسمىٰ «هانس وايلد» كان قد أخذه الأتراك أسيراً في هنغاريا يومذاك، وسيق إلىٰ مكّة، فلم يعد إلى ألمانيا إلّافي سنة 1611م. وبعده بسنوات قليلة أُسر فتىً بندقي يدعىٰ «ماركو دي لومباردو» ، وهو يعبر الأبيض المتوسط بصحبة عمّه القبطان، فبُعث به إلىٰ مكّة من مصر مصاحباً لابن سيده. وقد دوّن أشياء طريفة عن سفرته التي نشرها، بعد ذلك بسنين عديدة، المبشر «يوجين روجر» 1.
وفيما يبقى الأخيران استثناءً للحقبة البرتغالية (إذا صحّ التعبير) فإنّ المراحل اللاحقة، وخاصة في القرون الثلاثة المتأخرة، شهدت تبدلات عميقة لصالح الدول الغربية، خلافاً للبرتغال، وبالذات لكل من بريطانيا، هولندا، النمسا، السويد. .
عبر الرحالة المنتمين لهذه الدول، وكلٌّ منهم كان مكلّفاً بمهمّة خاصة محدّدة، والشيء الوحيد الذي لم يتبدل هو تلك الصورة الشرقية الشوهاء في المخيّلة الغربية، التي أوغل في تعميقها، أكثر فأكثر، الرحالون الغربيون الذين تقاطروا على المنطقة، في وقت لاحق، بأعداد غفيرة ومثيرة، وهو ما سيكون محور البحث القادم، بإذن اللّٰه تعالىٰ.