214جثثهم كومات متراكمة بعضها فوق بعض، كان أبوطاهر ينشد البيت التالي وهو يقف بقرب الكعبة:
أنا باللّٰه وباللّٰه أنا
يخلق الخلق وأفنيهم أنا (40)
هذا وإضافةً إلى المقتلة العظيمة التي أحدثها القرامطة، والوحشية التي اتّبعوها مع الحجّاج، واستيلائهم علىٰ أموالهم وأموال أهل مكّة، فقد قاموا بسرقة معظم الحلي والنفائس الموجودة في الكعبة ومن جملة ما سرقوا ستار الكعبة المشرّفة، وقلعوا بابها ثمّ عمدوا إلىٰ ميزابها لقلعه وأرسلوا واحداً منهم إلىٰ سطح الكعبة لأجل ذلك إلّاأنَّ المرسل لفعل ذلك سقط من على السطح وخرَّ ميّتاً في الحال. وأهم ممّا قيل فقد سرق القرامطة الحجر الأسود بعد أن قلعوه بواسطة مقلاع أو فأس وحملوه معهم إلى البحرين. وقد ورد موضوع سرقة الحجر الأسود من قبل القرامطة في كتب التأريخ جميعاً، وقد اضافت مصادر تأريخية أخرىٰ قائلة إنَّ أبوطاهر ضَرَبَ الحجر الأسود بفأس كانت بيده وذلك في محاولة لقلعه، فانكسر الحجر ثمّ التفت إلى الجموع هناك قائلاً لهم: أيّها الجهلة! أنتم تقولون: إنَّ كلّ من يرد البيت فهو آمن وقد رأيتم ما فعلتُ أنا إلى الآن. فتقدم إليه رجل من الحاضرين ممّن كان قد هيأ نفسه للموت فأمسك بلجام حصان أبوطاهر وأجابه قائلاً: إنَّ معنىٰ ذلك ليس كما قلت بل انَّ المعنىٰ هو أن من يدخل هذا البيت فعليكم منحه الأمان علىٰ نفسه وماله وعرضه حتّىٰ يخرج منه. فامتعظ القرمطي وتحرك بحصانه دون أن ينبسّ ببنت شفة (41) .
وذكر ابن كثير أنَّ أبوطاهر هدَّم القبّة التي كانت موضوعة علىٰ رأس بئر زمزم، وهو الذي أمر رجاله بقلع باب الكعبة ونزع ستارها الذي قطعه إرباً إرباً ووزّعه علىٰ أصحابه، ثمّ أمر أحد رجاله بالصعود إلىٰ سطح الكعبة لقلع ميزابها فلمّا سقط الرجل من أعلى السطح ومات انصرف أبوطاهر عن قلع الميزاب،