21
ثوبَ الطاعة؟ . . . فَحينَ تجرّدتَ عن مخيطِ ثيابك أَنَويتَ أنَّك تَجرَّدت من الرياء والنفاق والدخول في الشبهات؟ . . . فحين اغتسلتَ أَنويت أنَّك اغتسلتَ من الخطايا والذنوب؟ . . . فحين تنظَّفت وأحرمتَ وعقدت الحجَّ أنويت أنَّك تنظَّفتَ بنور التوبة الخالصة للّٰهتعالىٰ؟ . . .
فحين أحرمت أَنويت أنَّك حرّمت علىٰ نفسك كلَّ محرّمٍ حرّمه اللّٰه عزّوجلّ؟ . . . فحين عقدتَ الحجَّ أَنويتَ أنَّك قد حلّلت كلَّ عقدٍ لغير اللّٰه؟ . . .
وهكذا حتّىٰ يصل الإمام عليه السلام إلىٰ مسأله التقصير حيث يقول:
أَنويتَ أنَّك تَطَهَّرتَ من الأدناس ومِن تَبَعةِ بني آدم، وخرجتَ من الذنوب كما وَلَدتْكَ أُمُّك؟ . . . فعندما ذبحتَ هَدْيَكَ أَنَوَيْتَ أنَّك ذَبَحتَ حنجرةَ الطَّمَعِ بما تَمَسَّكتَ به من حقيقةِ الوَرَع، وأنَّكَ اتَّبعتَ سُنَّةَ إبراهيم عليه السلام بذبحِ ولده وثمرةِ فؤاده وريحانِ قلبه؟ . . . فعندما رَجعت إلىٰ مكّة وطُفْتَ طوافَ الإفاضة أَنويتَ أنَّك أفَضتَ مِن رحمةِ اللّٰه تعالىٰ ورجعتَ إلىٰ طاعته؟ . . .
فختم كلامه عليه السلام قائلاً:
«اِرجع فإنّك لم تحجّ» (63) .
ولهذا كان الأئمّة عليهم السلام - وهم العُلماء والهُداة إلى الصراط المستقيم السالك إلى اللّٰه - يتغيّر لونهم وتتبدّل أحوالهم عند وقوفهم في الميقات وقولهم لبّيك، وهو الحال الذي كان يُهيّأهم للانتقال إلىٰ مرحلة التحليق في العلياء، وتتبيّن علىٰ وجوههم آثار خشية القلب، وقد تمرّ دقائق وكأنّهم لا يستطيعون أن يقولوا:
لبّيك (64) .
وحينما يُسأل الإمام زين العابدين عليه السلام عن تلك الحالة التي تعتريه،