119يحكي انبثاق الحضارة الإسلامية من القطب ذي الثنائية العجيبة الدين والسياسة، وذلك حينما تحوّلت العبادة المكّية إلىٰ دولة نبويّة. ولذا فحينما نقول إنّ الجزيرة العربية هي عاصمة التوحيد لا نحتاج إلى التفريق بين العاصمة الروحية والسياسية.
وأهمية هذه الزاوية من البحث تنبع من قابليتها علىٰ تسليط أضواء كافية علىٰ جوانب مغمورة من الفقه السياسي بنحوٍ عام وممّا يصطلح عليه بالحج السياسي، بنحوٍ خاص. وبامكان الباحث أن يخوضها بمستويات ثلاثة.
1 - مستوىٰ عرض آراء فقهاء ونصوص الإمامية فقط.
2 - مستوىٰ عرض مقارن لآراء ونصوص المذاهب الإسلامية كافّة.
3 - مستوى الاستدلال والعرض المقارن.
ومن الطبيعي أنّ المستوى الثالث هو الأكمل، ولكن حيث لا تسع الفرصة له ولا للذي قبله؛ لذا نكتفي بالبحث على المستوى الأوّل. وسنتناول في هذه الدراسة
1 - أحكام الحرم المكّي.
2 - أحكام مكّة.
3 - أحكام المدينة.
4 - أحكام الجزيرة العربية.
ومعلوم أنّ الأحكام المقصودة هي تلك التي ينظر فيها الشارع إلى البقعة المقصودة بما هي أرض فلا تتعرّض للأحكام ذات العلاقة بالحج ومناسكه.
حدود الحرم المكّي
الحرم المكّي هو ما أحاط بمكّة من جميع جهاتها، تعرّض الفقهاء لبيان