118الحقّ السياسي على الأرض فلا سيادة شرعية لغير المسلم علىٰ وجه الكرة الأرضية، فالقاعدة الأساسية في الإنسان أنّه خليفة اللّٰه في أرضه، وحيث لم يستجب الكتابي والمشرك لشروط هذه الخلافة؛ لذا انحصرت في المسلم دون غيره. هذا من جهة الانسان ومن جهة الأرض عدّها الإسلام كذلك إقليماً واحداً للإنسان فلا تفاوت بين شبر وآخر منها، ولا امتياز لبقعة علىٰ بقعة أُخرىٰ منها. ولكن الأرض بما هي أرض ليست أساساً للحقوق والامتيازات، والأساس الوحيد لذلك هو الدين والتوحيد، وهو الذي حرم المشرك من كلّ حقّ وأعطى الكتابي نصف حق مشروط، ومنح المسلم حقّاً إنسانياً وسياسياً كاملاً، ومن هنا فمن الطبيعي أن تنقسم الأرض بين دار للإسلام ودار للكفر.
الأُولى للمسلمين ومن يتبعهم من أهل الذمّة. والثانية تكون مغتصبة من قبل المشركين وأعداء الرسالات ومن يتبعهم من الكتابيّين. ولدار الإسلام عاصمة روحية تحظىٰ بامتيازات أدبية وروحية علىٰ ما سواها من بقاع الإسلام تتمثّل بالجزيرة العربية ثمّ بالحرم المكّي ثمّ بمكّة نفسها. وهكذا فالإنسان في التصوّر الإسلامي هو الدائرة الكبيرة التي انقسمت الىٰ جزء مشرك وآخر كتابي وثالث مسلم، والأرض هي الدائرة الكبيرة التي انقسمت الىٰ دائرتين دائرة الإسلام ودائرة الكفر. وتكوّنت دائرة الإسلام من أربع دوائر متداخلة مع بعضها دائرة كبيرة تشمل كلّ بلاد الإسلام، ودائرة صغيرة تشمل الجزيرة العربية، ودائرة أصغر خاصّة بالحرم المكّي، ودائرة أصغر تختص بمكّة التي تمثّل القلب للإسلام.
وفي دراستنا هذه لا نريد أن ندرس دوائر الانسان، بل نقتصر علىٰ بعض الأرض في التصوّر الإسلامي، وهي الدوائر الداخلية الثلاث التي تمثّل عاصمة التوحيد في الأرض وهي الحرم المكّي، ومكّة. والجزيرة العربية. فقد أعطى الإسلام لهذه الدوائر أحكاماً خاصّة، وشيّد لها مكانة متميّزة كرمز تاريخي