56مقترحاً خلاصة الدين الإسلامي، وحسب كونه خاتم الأديان، وأنه لا نبيَّ بعد رسولها المصطفىٰ صلى الله عليه و آله وعليه فإنها ذات مهمة رسالية استثنائية أي إنها عالمية تتبنىٰ علىٰ ضوء الثبات والمتحرك في التشريع المتداخل مع جزئيات وفواصل الخطّ التاريخي الصاعد من أجل تسيّس المستقبل والمصير الإنسانيين وتشدّهما بمحورية التوحيد الإلهي. . إن هذا ومع تنوّع أداء الحضارات والمدنيات، وتعقّل الذهنية وانسحابها عن النسبيات والمحدودات المادية، فإن الآية السابقة تركّز هذا الموج البشري، وتستدعي موجاته بهدوءٍ نحو المسرى الطبيعي، وتحشّده نحو بؤرة مكانية واحدة كتمرين علىٰ وحدة العقيدة في المستقبل. . البؤرة التي انطلق فيها نداء التوحيد المعبّر عن أصالة المشترك الفطري الإنساني. ولا بدَّ إذن من أن نواجه شكلاً مادياً يشبع الإحساس بالمكان، فكان الشكل المادي للكعبة يحقّق هذا الإشباع، ويستعرض عبر فضاءاته كلّ العواطف البشرية على الدوام؛ لأنه الشكل الوحيد الذي اتسع ويتسع لحركة الوجدان، وبنفس الوقت يتصل بالمطلق. . اتصالاً من الداخل حيث أداء المناسك المرتبطة بمركزية الشكل الكعبوي، وكذلك اتصالاً من الخارج وعلى السطح، حيث الخطوط النابعة من كلّ الأقاصي، كما هو شأن الدين الإسلامي حين يكون ولا بدَّ من ذلك دين البشر قاطبة.
فهناك منابع بشرية هائلة تسبح في حركة دائبة، وتتجه فيما تنتظم أخيراً عبر قنوات الميقات، وكلما اقتربت الروافد البشرية من مصبات الميقات، فإن الدوائر المكانية على السطح وفي الخارج تصغر حتىٰ تكون في صغرٍ طبيعي، وحينما تقترب المحيطات من دائرة المركز (الكعبة) تصبح أنصاف الأقطار التي كانت في الخارج أقطاراً تندمج وتتكثف وتتكيّف.
إن التماس مع الميقات والعبور إلى الكعبة يحرّر في ذات الاتجاه المستقيم