43المناسك وأصوات الإنسان الآخر، وهي مادة المقارنة ومعرفة ما إذا كان الحاج قادراً علىٰ إنزال الدعاء في ساحته الفردية والاجتماعية، وما إذا كان لمفهوم الميقات (وحدة الزمان والمكان) تعبيرات وتطبيقات في قنوات محلته وقريته وجيرانه ومؤسسته أم لا؟
الميقات والدعاء في الحجّ ومناسكه يبدأ بهما الحاج وينتهي بهما ذهاباً وإياباً، ويشكلان المدخل العملي الذي يتداخل معه التجمع البشري المنتخب بالاستطاعة في كلّ عام لمعرفة وقياس قرب أو بعد المستويات الخمسة السابقة، أو ما يقترح غيرها من محورية الصوت الداخلي، المحور الذي تعبر عنه وعن مضمونه العام صياغيّة (نيّة الحج) .
وقبل أن نتأكد من قرب أو بعد المستويات بالنسبة لمحور الحج، فإن مجرد التجمع للأصوات الخارجية في فريضة الحج هو موِّلد آني للكثير من الاقتراحات والصّيغ. . إنه مجرد موّلد آني، وإن هذا الشكل العام للتجمع يشير في الأحساس نوعين من الأشكال المنسجمة، هما:
الشكل الأول: انسجام وحدة المكان في الحج: وهو أداء الحجاج لمناسكهم على المكان المحدّد، وأن تجمعهم لا يجوز أن يؤدي المناسك المفروضة والمستحبة في غير المشاهد المقررة، فكل منسك خاص لا يمكن أن ينجز اليقين في الفراغ منه مالم يؤد في جزء المكان ودائرته العامة الواحدة، وهذا ما يفترق فيه الحج عن بقية الفرائض والواجبات. اذ بإمكان الإنسان أن يأتي بالصلاة جماعة أو فرادى في المسجد أو البيت، في السفينة أو على الجمل أداءً أم قضاءً خارج وقتها أو في زمن وجوبها ومع كلّ هذا تقع صحيحة. فالانسجام في أداء المناسك يرشح وحدة مكانية للجميع وهو أحد ركني الجمال في الحج، ويقرر لنا في النهاية مفهوم مكان القبلة وحالة التوّجه. إذ المكان في الحج له واقع وموضوعية. « جعل اللّٰهُ الكعبةَ