241
حياته:
كان ابن العباس في طفولته برعماً من البراعم الإيمانية، التي ارتوت من ينبوع الرسالة العذب، فقد احتضنته المدرسة النبوية صغيراً، وتربىٰ في كنفها تزقه العلم والأدب والأخلاق. لتجعل منه عالماً مجاهداً في شبابه وكهولته من أجل المبدإ والعقيدة، ومثلاً إيمانياً رائعاً يقتدي به الآخرون.
إن من المعالم الشاخصة في حياة ابن عباس: العقيدة الراسخة، والمؤهلات النادرة التي منها عقليته المتزنة، وذكاؤه الحاد، وحافظته المبكرة، فغدا بكلّ هذا عالماً ملئت كتب التفسير والحديث والتاريخ بآرائه ورواياته ومحاوراته. كما أن شجاعته تشكل هي الأخرىٰ معلماً واضحاً في شخصيته، جعلته يؤدي واجبه الجهادي في ميادين القتال علىٰ خير ما يؤدي الشجاع واجبه القتالي، ناهيك عن لباقته وسرعة بديهيته وقدرته العجيبة على المحاورة السياسية والمناظرة العلمية، التي قلّ مثيلها، والتى تكشف عن علم واسع، ومعرفة دقيقة، وخبرة عميقة، وحجة قوية يتصف بها الرجل. كما أن صفتي الأناة والحلم كانتا من مميزات ابن عباس، فالشجاعة هذهِ الصفة التي تدعو الى الإقدام والاندفاع قد يتصف بها كثيرون لكنها إذا ما تعانقت مع صفتي الحلم والأناة تكون صفة عظيمة محمودة، وتدل بالتالي علىٰ كمال النفس وعظمتها وعلو همتها، وهذا ما كان لابن عباس.
ففي الوقت الذي كان فيه رجل سياسة وبطل حوار، وصاحب بصيرة ورأي ونظر، كان رجل حرب؛ لهذا نرى الإمام علياً عليه السلام قد اتخذه وزيراً له وقائداً ميدانياً يقود جبهة من جبهات القتال حينما تشتد ضراوة المعارك، فميسرة الجيش في حرب صفين كانت له قاتل فيها قتالاً شديداً، وفي معركة الجمل كان علىٰ مقدمة جيش الإمام علي عليه السلام وهكذا في النهروان. .
يرمي به الإمام عليه السلام مقاتلاً كما يرمي به محاوراً سياسياً بارعاً، ففي وقعة