242صفين حينما لم يكن بدٌّ من التحكيم، انظر كيف يصفه الإمام عليه السلام:
(إن معاوية لم يكن يضع لهذا الأمر أحداً هو أوثق برأيه ونظره من عمرو بن العاص. . . فعليكم بعبد اللّٰه بن عباس فارموه به؛ فإن عمراً لا يعقد عُقدة إلا حلّها عبد اللّٰه، ولا يحلّ عقدة إلا عقدها، ولا يبرم أمراً إلا نقضه ولا ينقض أمراً إلا أبرمه) 1.
وفي كلام آخر له في شأن الحكمين قال. . . فادفعوا في صدر عمرو بن العاص بعبد اللّٰه ابن عباس. وفي هذا يقول ابن أبي الحديد: يُقال هذا لمن يرام كفّه عن أمر يتطاول له: ادفع في صدره، وذلك لأن من يقدم علىٰ أمر ببدنه فيدفع دافع في صدره حقيقة فإنه يردّه أو يكاد، فنقل ذلك الى الدفع المعنوي.
هذا في حربه وسياسته وأما في محاوراته فقد جرت بينه وبين الخليفة الثاني وعائشة والزبير وطلحة ومعاوية ويزيد وعتبة بن أبي سفيان وعمرو بن العاص، ومروان بن الحكم وعبد الرحمن بن الحكم وزياد بن أبيه وابن الزبير والمغيرة وغيرهم جرت بينه وبينهم مناظرات واحتجاجات كثيرة، كانت له الحجة عليهم. ومن جميل مناظراته وهي كثيرة، هذه التي جرت بينه وبين الخليفة الثاني:
قال عمر يا ابن عباس أتدري ما منع قومكم منكم بعد محمد؟ فكرهت أن أجيبه. فقلت: إن لم أكن أدري فأمير المؤمنين يدريني.
فقال عمر: كرهوا أن يجمعوا لكم النبوة والخلافة فتبجَّحوا علىٰ قومكم بجحاً بجحاً، فاختارت قريش لأنفسها فأصابت ووُفِّقت.
فقلت: ياأمير المؤمنين إن تأذن لي في الكلام وتمط عني الغضب تكلمتُ.
فقال تكلم يا ابن عباس:
فقلت: أما قولك يا أمير المؤمنين اختارت قريش لأنفسها فأصابت ووفقت، فلو أن قريشاً اختارت لأنفسها حيث اختار اللّٰه عزّ وجلّ لها لكان