127عكف فيها علىٰ صيانة القرآن الكريم والسنة الشريفة وتعليمهما، وكان قد انبرىٰ لهذه المهمة منذ اليوم الأول بعد وفاة رسول اللّٰه صلى الله عليه و آله و سلم، يقول ابن النديم: إن علياً عليه السلام (رأىٰ من الناس طَيْرَةً عند وفاة النبي صلى الله عليه و آله و سلم، فأقسم أنه لا يضع عن ظهره رداءَه حتىٰ يجمع القرآن، فجلس في بيته ثلاثة أيام حتىٰ جمع القرآن) 1ويشير إلىٰ ذلك ابن أبي الحديد بقوله (وأمّا قراءته للقرآن واشتغاله به فهو المنظور اليه في هذا الباب، اتفق الكلّ علىٰ أنه كان يحفظ القرآن علىٰ عهد رسول اللّٰه صلى الله عليه و آله و سلم، ولم يكن غيره يحفظه، ثم هو أول من جمعه) 2وانفرد الإمام علي من بين الصحابة كافة باستيعابه لتمام علوم النبوة، فقد أورد الصفار في بصائر الدرجات بسنده (عن سماعة بن مهران عن أبي عبداللّٰه عليه السلام قال: إن اللّٰه علَّمَ رسوله الحلال والحرام والتأويل وعلَّمَ رسول اللّٰه علمه كله علياً عليه السلام) وبسنده (عن يعقوب بن شعيب عن أبي عبداللّٰه عليه السلام قال: إنّ اللّٰه تعالىٰ علَّمَ رسول اللّٰه عليه السلام القرآن وعلّمه شيئاً سوىٰ ذلك منا علَّمَ رسوله فقد علَّمَ رسوله علياً عليه السلام) 3ويقول الإمام علي عليه السلام (كنت أدخل علىٰ رسول اللّٰه كل يوم دخلة، فيخليني فيها أدور معه حيث دار، وقد علِمَ أصحاب رسول اللّٰه أنه لم يصنع ذلك بأحد غيري. . . وكنت إذا سألته أجابني، وإذا سكتُ وفنيت مسائلي ابتدأني، فما نزلت علىٰ رسول اللّٰه آية من القرآن إلّاأقرأنيها وأملاها عليّ، فكتبتها بخطي، وعلّمَني تأويلها، وتفسيرها، وناسخها ومنسوخها، ومحكمها ومتشابهها، وخاصها وعامها، ودعا اللّٰه أن يعلمني فهمها وحفظها) 4. وقال عليه السلام موضحاً مرجعيته للتفسير وعلوم القرآن بعد رسول اللّٰه صلى الله عليه و آله و سلم: (سلوني قبل أن تفقدوني، فوالذي فلق الحبة وبرأ النسمة لو سألتموني عن آية في ليل نزلت أو في نهار أُنزلت، مكيها ومدنيها، سفريها وحضريها، ناسخها ومنسوخها، محكمها ومتشابهها، وتأويلها وتنزيلها، لأخبرتكم به) 5. واحتفظت لنا كتب الحديث