42وينبغي أنْ يَخْرُج رَثَّ 1الهيئةِ أقْرَبَ إلىٰ الشَعَث، مُلازِماً ذلك في السفر، فخيرُ الحاجِّ الشَعِثُ التَفِثُ 2. يقُول اللّٰهُ لملائكته: «اُنظُروا إلىٰ زُوّار بيتي قد جاؤوني شُعْثاً غُبْراً مِنْ كُلِّ فّجٍ عَميقٍ 3أُشْهِدُكم أنّي قد غَفَرتُ لهم» 4.
وأنْ يَرْكبَ الراحِلةَ دونَ الَمحْمِلِ إلّالِعذرٍ، تأسِّياً بالنبيّ صلى الله عليه و آله و سلم، فإنّه حَجَ علىٰ راحِلته وكان تحتَه رَحْلٌ رَثٌّ وقَطِيفةٌ خَلِقَةٌ قيمته أربعةُ دراهمَ، وطافَ على الراحلةِ لِيَنْظُرَ الناسَ، وقال: «خُذوا عنّي مناسِكَكم» 5.
وأنْ يَمْشِيَ مع القدرة، فإنّ ذلك أفْضَلُ وأدْخَلُ في الإذعانِ لعبودية اللّٰه تعالىٰ، اللهُمَّ إلّاأنْ يُنافِيَ ما هو أفضلُ منه.
وأنْ يَرْفُقَ بالدابَّة ولا يُحَمِّلَها ما لا تَطِيقُ، وأنْ يَنْزِلَ عنها غُدْوَةً وعَشِيّةً.
وأنْ يُصَلِّيَ في كلِّ منزلٍ ركعتينِ عند النُزول والارتحالِ.
وأنْ يَقولَ عند مشاهَدة المنازلِ والقُرىٰ:
اللهُمَّ ربَّ السماء وما أظَلَّتْ، وربَّ الأرضِ وما أقَلَّتْ، وربَّ الرِياح وما ذَرَتْ، وربَّ الأنهار وما جَرَتْ، عَرِّفْنا خيرَ هذه القريةِ وخيرَ أهلها، وأعِذْنا مِن شرِّها وشرِّ أهلها، إنّك علىٰ كُلِّ شيءٍ قدير 6.
وأنْ يكونَ طَيِّبَ النفس بما يُنْفِقُه وبما يُصِيبه مُتَعَوِّضاً عنه بما عند اللّٰه، فإنّ ذلك مِن علامة قبول الحجّ.
وأنْ يُحْضِرَ قلبَه في حركاته وسكناته؛ فإنّه روح العبادة فيَتَبَيَّنُ له بذلك أنّ هذا السفر مثالٌ لسفر الآخرة؛ فيَتَذَكَّرُ بوصيّته قبلَ السفر وجَمْعِ أهلِهِ اجتماعَهم علىٰ وصيّتِه عند إشرافه علىٰ لقاء اللّٰه تعالىٰ؛ بتهيئته الزادَ والراحلةَ وملاحَظَةِ الاحتياجِ إليهما والتعرُّضِ للهلاك عند التقصيرِ فيهما - مع قِصَرِ هذا السفرِ - شدَّةَ احتيِاجه إلىٰ ذلك في سفر الآخرة، وتَعَرُّضَه - بل وقُوعَه في الهلاك - عند التقصير في زداه مِن الأعمال الصالحة والتوجُّهات الُمخْلِصة الناجِحة؛ وبِذِلَّتهِ وانكساره