154كلّها. رفعتَ الحجر بيدك المباركة من الأرض، ثمّ رفعته ثانية لتضعه في مكانه فنال بذلك بركات أيدٍ ثلاث لأنبياء عظام (إبراهيم وإسماعيل ومحمد صلوات اللّٰه عليهم) .
* * *
ولم يزل هذا الحجر في الجاهلية والإسلام محترماً معظّماً مكرّماً، ولم يعتدَ علىٰ حرمته ومكانته حتىٰ جاء القرامطة يتزعمهم أبو طاهر القرمطي سنة 317 ه ودخلوا مكّةَ عنوة (يوم التروية) ، فنهبوها وقتلوا الحُجّاج، وسلبوا البيت، وقلعوا الحجر الأسود ثم حملوه معهم إلى بلادهم بالإحساء من أرض البحرين، ويقال: إنّه لما أخذ الحجر، قال: هذا مغناطيس بني آدم، وهو يجرّهم الى مكّة، وأراد أن يحول الحجّ الى الإحساء. وبقي عندهم اثنتين وعشرين سنة، وقد باءت كلّ محاولات ردّه بالفشل، حتىٰ توسط الشريف أبو علي عمر بن يحيى العلوي بين الخليفة المطيع للّٰهفي سنة 339 وبينهم حتىٰ أجابوا الى ردّه، وجاءُوا به إلى الكوفة، وعلّقوه على الأسطوانة السابعة من أساطين الجامع، ثم حملوه وردّوه إلى موضعه في شهر ذي القعدة من سنة 339 ه، وصُنع له طوقان من فضة وأحكموا بناءَه 1.
وهناك بعض الاعتداءات والتجاوزات التي كان الحجر الأسود عرضةً وهدفاً لها، لكنها لم تصل في خطورتها إلى اعتداء القرامطة المذكور 2.
وظل هذا الحجر موضعاً يتبرك به الناس، يتزاحمون علىٰ استلامه، وعلىٰ تقبيله بدءاً برسول اللّٰه صلى الله عليه و آله، فقد كان صلى الله عليه و آله يقبّل الحجر الأسود عند دخوله إلى البيت، وقبل أن يبدأ طوافه سبعاً، ويعيد تقبيله بعد أن ينهي الطواف والصلاة.
ولما أراد أن ينطلق مهاجراً إلى المدينة، جاء إلى الكعبة واستلم الحجر الأسود، وقام وسط المسجد ملتفتاً إلى البيت قائلاً: إني لأعلم ما وضع اللّٰه