89المرتضى، كان فاضلاً عالماً ورعاً، عظيم الشأن رفيع المنزلة.
ولد سنة 359 ه، وتوفي سنة 406 ه في السادس من المحرم، وشهد جنازته الوزير فخر الملك وجميع الأعيان والأشراف والقضاة، ورثاه أخوه الشريف المرتضى وغيره بأبيات.
وكان شاعراً مبرزاً، حتى قيل:
إنه أشعر قريش، نظم الشعر وهو ابن عشر سنين.
تعلّم في نشأته العلوم العربية وعلوم البلاغة والأدب، والفقه والكلام والتفسير والحديث على مشاهير العلماء ببغداد، كالشيخ المفيد محمد بن محمد بن النعمان، وأبي الفتح عثمان بن جني.
كان أوحد علماء عصره، أديباً بارعاً متميّزاً، وفقيهاً متبحّراً، ومتكلّماً حاذقاً، ومفسّراً لكتاب اللّٰه وحديث رسوله.
قال بعض العلماء: لولا الرضي لكان المرتضى أشعر الناس، ولولا المرتضى لكان الرضي أعلم الناس 1.
ولم يمنع الشريف الرضي انتظامه في سلك العلماء والفقهاء وأعاظم الأدباء من تولّي أعلى المناصب، بل كان يرى أنه أحقّ بالخلافة من غيره، وذلك من باب النيابة العامة التي جعلت في زمن الغيبة الكبرى للعلماء العدول الصائنين لدينهم، المخالفين لهواهم، المطيعين لأمر مولاهم.
فتقلّد الشريف الرضي نقابة الطالبيين مراراً، وكانت إليه إمارة الحج والمظالم، كان يتولى ذلك نيابة عن أبيه، وبعد وفاة أبيه مستقلاً. وحجّ بالناس مرّات، وله فيها مواقف عظيمة سجّلها التاريخ وأبقى له ذكرى خالدة، وقصائده الحجازيات من أشهر شعره 2.
قال حسن محمود: وقد تولى الرضي هذه الإمارة منذ صباه، وفي أكثر أيام حياته وزيراً لأبيه ونائباً عنه ومستقلاً بها، وقد عانى الكثير، وكانت دافعاً له لتغذية طموحه نحو المجد والعلىٰ؛ لأن تلك الإمارة مهما كانت محدودة هي مثال مصغّر لتلك المرتبة