94يغدو أحدكم في حلّة ويروح في أخرى، وتوضع بين يديه قصعة وترفع أخرى، وسترتم البيوت كما تستر الكعبة؟ قالوا: وددنا أنّ ذلك قد كان يا رسول اللّٰه فأصبنا الرخاء والعيش، قال: فإنّ ذلك لكائن، وأنتم اليوم خير من اُولئك 1.
مؤاخاته واشتراكه في بدر:
آخىٰ رسول اللّٰه صلى الله عليه و آله و سلم بين عثمان بن مظعون وبين أبي الهيثم بن التّيهان الأنصاري 2.
وشهد عثمان بن مظعون بدراً باتفاق المؤرخين 3. وأُسّر حنظلة بن قبيصة بن حذافة على يد عثمان بن مظعون 4. وقُتل أوس بن المغيرة بن لوذان على يد عليّ عليه السلام وعثمان بن مظعون 5.
عثمان والرواية:
كان عثمان بن مظعون من الأوائل الّذين أسلموا، ومن الأوائل الّذين لبّوا نداء ربّهم، وتوفي في حياة رسول اللّٰه صلى الله عليه و آله و سلم في بادئ الإسلام، ونال درجة عالية بعد وفاته بصلاة رسول اللّٰه صلى الله عليه و آله و سلم عليه، ولم يروِ عن رسول اللّٰه صلى الله عليه و آله و سلم إلّاقليلاً، وذلك لعدم دركه من زمان الإسلام إلّا أوائله.
فيروي عثمان بن مظعون عن رسول اللّٰه صلى الله عليه و آله و سلم 6، ورواياته عن رسول اللّٰه قليلة جدّاً.
ويروي عن عثمان بن مظعون:
عبد اللّٰه بن جابر 7، وسعد بن مسعود الكناني (الكندي) 8.
عبادته واجتهاده واعتزاله النساء وحياؤه:
كان عثمان - رضوان اللّٰه عليه - من أشدّ الناس اجتهاداً في العبادة، يصوم النهار ويقوم الليل. ووصل به الحدّ في العبادة أنه ترك وتجنّب الشهوات بالمرة، واعتزل النساء 9. حتّى روي: أنّ زوجته دخلت على نساء النبي صلى الله عليه و آله و سلم فرأينها سيئة الهيئة، فقلن لها: ما لكِ؟ فما في قريش أغنىٰ من بعلك! قالت: ما لنا منه شيء، أمّا ليله فقائم، وأمّا نهاره فصائم. فدخل النبيُّ صلى الله عليه و آله و سلم، فذكرن ذلك له، فلقيه النبيّ صلى الله عليه و آله و سلم، فقال: أما لك بي أسوة؟ قال: بأبي وأمّي وما ذاك؟ قال:
تصوم النهار وتقوم الليل؟ قال: إنّي لأفعل، قال: لا تفعل، إنّ لعينيك عليك حقّاً، وإنّ لجسدك حقّاً، وإنّ لأهلك حقّاً، فصلِّ ونمْ وصم وافطر.
وفي رواية أخرىٰ: يا عثمان لم يرسلني اللّٰه بالرهبانية، ولكن بعثني بالحنيفية السهلة السمحة، أصوم وأصلي وألمس أهلي، فمن أحبّ