93أرض الحبشة ابن سعد بالاعتماد على رواية محمد بن إسحاق، ومحمد بن عمر، والنووي 1.
وفيه نظر، لأن الذين هاجروا الهجرة الأولى رجعوا إلى مكة قبل الهجرة النبوية، والذين هاجروا الهجرة الثانية رجعوا عام خيبر، أي بعد وفاة عثمان بن مظعون الّذي اشترك في حرب بدر، وهي قبل خيبر. ولعل منشأ الاشتباه تصريح البعض بمهاجرة عثمان الهجرتين 2، فحملوه على الأولىٰ والثانية للحبشة، والظاهر أن الأولى إلى الحبشة، والثانية إلى المدينة.
وصرّح ابن الأثير الجزري: أنّ عثمان بن مظعون هاجر إلى الحبشة هو وابنه السائب الهجرةَ الأولىٰ مع جماعة من المسلمين، وذكر كيفية رجوعه وما جرى له مع لبيد وقال: ثمّ هاجر عثمان إلى المدينة وشهد بدراً 3.
وقال البعض: قد ذكر في هذه الهجرة الثانية جماعة ممّن شهد بدراً، فإمّا أن يكون هذا وهماً، وإمّا أن يكون لهم قدمة أخرى قبل بدر، فتكون لهم ثلاث قدمات: قدمة قبل الهجرة، وقدمة قبل بدر، وقدمة عام خيبر، ولذلك قال ابن سعد وغيره:
إنهم لمّا سمعوا هجرة رسول اللّٰه صلى الله عليه و آله و سلم إلى المدينة رجع منهم ثلاثة وثلاثون رجلاً ومن النساء ثمان نسوة، فمات منهم رجلان بمكة، وحبس بمكة سبعة، وشهد بدراً منهم أربعة وعشرون رجلاً 4.
وعلى أيّ حال، فهجرة عثمان بن مظعون من مكة إلى المدينة أمرٌ مقطوع به، فقد هاجر هو وأخواه قدامة وعبد اللّٰه وابنه السائب إلى المدينة، ونزلوا على عبد اللّٰه بن سلمة العجلاني، وقيل: على خذام بن وديعة 5.
قال الواقدي: آل مظعون ممن أوعب في الخروج إلى الهجرة رجالهم ونساؤهم، وغلقت بيوتهم بمكة 6.
وروي عن أمّ العلاء، قالت:
نزل رسول اللّٰه صلى الله عليه و آله و سلم والمهاجرون معه المدينة في الهجرة، فتشاحت الأنصار فيهم أن ينزلوهم في منازلهم، حتّى اقترعوا عليهم، فطار لنا عثمان بن مظعون على القرعة، تعني: وقع في سهمنا 7.
وأما زهده وقناعته بالشيء القليل وتركه الدنيا فيدل عليه: ما روي من أنّه دخل يوماً المسجد، وعليه نمرة قد تخلّلت فرقّعها بقطعة من فروة، فرقّ له رسول اللّٰه صلى الله عليه و آله و سلم، ورقّ أصحابه لرقته، فقال: كيف أنتم