95فطرتي فليستن بسنّتي، ومن سنّتي النكاح.
وفي رواية أخرىٰ قال النبيّ صلى الله عليه و آله و سلم: إنّي آتي النساء وأفطر بالنهار وأنام الليل، فمن رغب عن سنّتي فليس مني، وأنزل اللّٰه - تعالى -: «يا أيّها الذين آمنوا لا تحرّموا طيّبات ما أحلّ اللّٰه لكم ولا تعتدوا إنّ اللّٰه لا يحبّ المعتدين وكلوا مما رزقكم اللّٰه حلالاً طيّباً واتقوا اللّٰه الذي أنتم به مؤمنون» 1.
فأتتهن زوجة عثمان بعد ذلك عطرةً كأنّها عروس، فقلن لها: مه؟ قالت: أصابنا ما أصاب الناس 2.
وروي: أنّ عثمان قال: يا رسول اللّٰه صلى الله عليه و آله و سلم! لا أحبّ أن ترى امرأتي عورتي، قال: ولِمَ؟ قال:
استحيي من ذلك، قال: إنّ اللّٰه قد جعلها لك لباساً، وجعلك لباساً لها. . . ، فلمّا أدبر قال رسول اللّٰه صلى الله عليه و آله و سلم: إنّ ابن مظعون لحييّ ستير 3.
الرهبانية والسياحة والتبتّل:
خلق اللّٰه - سبحانه وتعالى - الإنسان ليكون نواة صالحة، وكائناً عاملاً في كلّ نواحي الحياة الإنسانية، وليس من حكمة خلق اللّٰه للإنسان أن يترهّب ويعتزل المجتمع، ويعيش لوحده يعبد ربّه.
وفي بادئ الإسلام كانت فكرة الرهبانية، وترك المجتمع والملذّات الدنيوية، تدور في خُلد بعض المتديّنين، وذلك لشدّة تديّنهم وحرصهم على العبادة وترك الدنيا.
ومن الأوائل الذين فكّروا بالرهبانية والسياحة عثمان بن مظعون - رضوان اللّٰه عليه - فإنّه أول ما أقدم عليه من عمل هو: أنه كان يقوم الليل ويصوم النهار، وترك زوجته بالمرّة، وبعدها استأذن رسول اللّٰه صلى الله عليه و آله و سلم في الرهبانية والسياحة والتبتّل وطلاق زوجته والخصاء، فنهاه عن ذلك وردّه عليه 4.
فعن ابن شهاب: أنّ عثمان بن مظعون أراد أن يختصي ويسيح في الأرض، فقال له رسول اللّٰه صلى الله عليه و آله و سلم:
أَليس لك فيّ أسوة حسنة؟ فأنا آتي النساء وآكل اللحم وأصوم وأفطر، إنّ خصاء أمّتي الصيام، وليس من أمّتي من خصىٰ أو اختصىٰ 5.
وروي أيضاً عن عثمان أنه قال:
قلت لرسول اللّٰه صلى الله عليه و آله و سلم: يا رسول اللّٰه! أردت أن أسألك عن أشياء، فقال:
وما هي يا عثمان؟ قال: قلت: إنّي أردتُ أن أترهب، قال: لا تفعل يا عثمان، فانّ ترهّب أمّتي القعود في