169ليدخلوا دار الندوة فاعترضهم ابليس في صورة شيخ جليل فلمّا رأوه قالوا:
من أنت؟ قال: شيخ من أهل نجد سمعت بما اجتمعتم له فأردت أن اُحضركم ولن يعدمكم منّي رأي أو نصح، قالوا: أجل فادخل. فدخل معهم فقال: اُنظروا في شأن هذا الرجل (محمد) ، فقال قائل احبسوه في وثائق ثم تربصوا به المنون حتى يهلك كما هلك من كان قبله من الشعراء زهير ونابغة، فإنما هو كأحدهم، فقال عدو اللّٰه الشيخ النجدي: لا واللّٰه، ما هذا لكم برأي، واللّٰه، ليخرجنّ رائد من محبسه إلى أصحابه فليوشكنّ أن يثبوا عليه حتى يأخذوه من أيديكم، ثم يمنعوه منكم، فما آمن عليكم أن يخرجوكم من بلادكم، فانظروا في غير هذا الرأي. فقال قائل: أخرجوه من بين أظهركم واستريحوا منه فإنه إذا خرج لن يضركم ما صنع، فقال الشيخ النجدي: واللّٰه، ما هذا لكم برأي، ألم تروا حلاوة قوله وطلاقة لسانه وأخذه للقلوب بما يستمع من حديثه؟ واللّٰه، لئن فعلتم، ثم استعرض العرب ليجتمعن عليه ثم ليسيرن إليكم حتى يخرجكم من بلادكم ويقتل أشرافكم. قالوا: صدق واللّٰه، فانظروا رأياً غير هذا. فقال أبو جهل: واللّٰه، لأشيرنّ عليكم برأي ما أراكم أبصرتموه بعد، ما أرى غيره قالوا: وما هذا؟ قال: تأخذون من كل قبيلة وسيطاً شاباً جلداً ثم نعطي كل غلام منهم سيفاً صارماً يضربونه ضربة رجل واحد. . . (تفسير الجلالين أسباب نزول الآية 20 من الأنفال) .
نقلنا هذا الكلام الطويل لأهميته وخاصة ما كان يقوله الشيخ النجدي - لعنه اللّٰه - بأن محمداً سوف يخرجهم من بلادهم إذا سمحوا له بالهجرة. لقد أحسَّ المشركون بخطورة هذه الخطوة (الهجرة) فكيف بصاحبها؟
ج - الوثيقة بين المسلمين وغيرهم في المدينة: ومن بنودها:
- المسلمون من قريش ويثرب ومَن تبعهم فلحق بهم وجاهد معهم، أمة واحدة من دون الناس.
- لا يقتل مؤمن مؤمناً في كافر، ولا ينصر كافراً على مؤمن. (هدم العصبية القبلية) .
- يهود (بنو عوف) أُمّة مع المؤمنين، لليهود دينهم، وللمسلمين دينهم إلا من ظلم وأثم فإنه لا يوتغ (يهلك) إلا نفسه وأهل بيته.
- إن على اليهود نفقتهم وعلى المسلمين نفقتهم. وإن بينهم النصر على مَن حارب أهل هذه الصحيفة.