788 - ويروي الطبراني عن سمرة بن جندب قوله: "يتعلّق يوم الحج الأكبر بالسنة التي أدّي فيها المسلمون والمشركون الحج في ثلاثة أيام، لم يؤد مثل هذا الحجّ قبل ذلك ولن يؤدي بعده" (19) .
ويروي فضيل بن عياض عن الإمام الصادق (عليه السلام) أيضاً قوله: ان سبب تسمية الحج الأكبر: أن المسلمين والمشركين أقاموا الحج في تلك السنة معاً. ولم يحج المشركون بعدها أبداً (20) .
ويروي ابن ابي شيبة الزايد عن ابن عون أيضاً: أنّ محمّداً سئل عن الحج الأكبر فقال: اليوم الذي صادف فيه حج رسول الله (صلّي الله عليه وآله وسلم) مع حجّ أهل الملل (21) .
ويري كثير من المحدّثين والمفسرين - بالاعتماد علي روايات مختلفة - أنّ الحجّ الأكبر يوم الأضحي. فبالاضافة إلي أن رأي هذه الفئة أصح واقوي. فإنّه يتّفق أيضاً مع الآية فسيحوا في الأرض أربعة أشهر ومع ما ورد في الروايات التاريخية أَن "عليَّ بن أبي طالب (عليه السلام) قرأ آيات البراءة بعد ظهر عيد النحر".
يقول ابن أبي أوفي: "يوم العيد الأضحي يوم الحج الأكبر، ففي ذلك اليوم تسكب الدماء. وتحلق الرؤوس، وتزال الاوساخ والاقذار، ويحلّ الحرام" (22) .
وهذا ما يعتقد به مالك فيقول: لا نشك في أنَّ الحج الأكبر يوم عيد الأضحي؛ وذلك لأنّ أكثر أعمال الحج تقام فيه. وفي ليلة العيد يقف الحجّاج في مني، وفي الغد يقام الرمي والتضحية والحلق والطواف" (23) .
ويقول أبو بكر محمد بن عبدالله المعروف بابن عربي مؤيداً قول مالك: "وغاص مالك علي الحقيقة" (24) .
ويقول معاوية بن عمّار: سألت الإمام الصادق (عليه السلام) عن يوم الحج الأكبر فقال: "هو يوم النحر، والأصغر هو العمرة" (25) .
ويروي صفوان بن يحيي في موضع آخر عن ذريح المحاربي عن الإمام الصادق (عليه السلام) أنه قال: "الحج الأكبر يوم النحر" (26) .
ويقول فضيل بن عباس: سألت الامام الصادق (عليه السلام) عن الحج الأكبر وقلت: يري ابن عباس أنه يوم عرفة، فقال: يقول علي (عليه السلام) الحج الأكبر يوم عيد الأضحي، ثم يستدلّ بقول الله عزّوجلّ: فسيحوا في الأرض أربعةَ أشهر (27) ويقول: الأشهر الأربعة عبارة عن عشرين يوماً من شهر ذي الحجة، ومحرم وصفر وربيع الأول، وعشرة أيام من ربيع الآخر. وإذا كان الحج الأكبر يوم عرفة سيكون أربعة أشهر ويوما" (28) .
ولا بدّ من القول هنا: أن عليّ بن أبي طالب (عليه السلام) ، قرأ آيات البراءة علي الناس بمني كما أمره رسول الله (صلّي الله عليه وآله وسلم) في اليوم العاشر من ذي الحجة (يوم عيد الأضحي) ، وقد أمهل المشركين كما أمر الله أربعة أشهر ليُسلِموا أو يبقوا علي الكفر والشرك فيقتلوا. وكانت الأشهر الأربعة عبارة عن عشرين يوماً من شهر ذي الحجة، ومحرم وصفر وربيع الأول، وعشرة أيام من ربيع الثاني، حيث تنتهي مهلة الأشهر الأربعة في اليوم الحادي عشر من ربيع الآخر. وبناء علي هذا فإن الذين يعتبرون يوم الحج الأكبر يوم عرفة يضيفون يوماً إلي الأشهر الأربعة. وهذا لا يتفق مع الآية.