73وإن قلنا: أنّ نَمِرَة من عرفات كما هو رأي يقال تخلّصنا من هذه المشكلة، ولكن تبقي مشكلة ثانية وهي مخالفة ظاهر الروايات بل صريح بعضها، وأقوال أهل الخبرة الذين حدّدوا عرفات بإخراج نَمِرَة من عرفات لأنّها بطن وادي عُرَنَة وهذا الوادي كلُّه حدّ عرفات من جهة الغرب، وقد صرّحت الروايات بالارتفاع عنه.
أقول: ألا نحتمل وجود منطقة في داخل عرفات كانت تسمّي نَمِرَة قد صلّي النبيّ (صلّي الله عليه وآله وسلم) فيها ووضع رحله؟ وأمّا قرية نَمِرَة التي هي بطن عُرَنَة فهي خارجةٌ عن حدّ عرفات، فإن ثبت ذلك انحلّت مشكلة عدم وجوب الوقوف من أوّل الزوال إلي الغروب في عُرَنَة.
ويكون حكاية حجّ النبيّ (صلّي الله عليه وآله وسلم) مطابقة لوجوب الوقوف في عرفة من أوّل الزوال إلي الغروب، وأمّا الموقف الذي يُذكر في الروايات فالمراد به الوقوف في سفح الجبل الذي يستحبّ فيه الدعاء والوقوف.
وإن لم يثبت ذلك، فلا بدّ من القول بعدم وجوب الوقوف من الزوال إلي الغروب بل الواجب هو الوقوف بعد الظهر بساعة إلي الغروب.
وأمّا بالنسبة للمزدلفة: فلا يوجد خلاف في حدودها، وقد وقع تعيين هذه الحدود طبقاً لما قرّره الشارع المقدّس بين المأزمين ووادي محسِّر، وأمّا التحديد العرضي فهو الجبلان المطلاّن عليها من الجبهة الشماليّة والجنوبيّة.
وأمّا مِني: فأيضاً لا يوجد خلاف في حدّها الذي هو من وادي محسِّر إلي العقبة طولاً وما بين الجبلين المطلّين عليها عرضاً، وقد عرضنا مشكلة الذبح التي هي مشكلة معاصرة لوجود المذابح خارج مِني والحكومة السعوديّة تمنع من الذبح في مِني وأوجدنا حلاً قد يكون مقبولاً من الناحية الفنّيّة.
وأخيراً نبتهل إلي الله سبحانه وتعالي أن يجعلنا من العاملين في سبيل إعلاء دينه، وأن لا يحرمنا من الحضور في هذه الأماكن المقدّسة، وأن يغفر لنا خطايانا وسيّئاتنا ويوفّقنا لما يحبّ ويرضي إنّه سميعٌ مجيب، والحمد لله ربِّ العالمين، وصلّي الله علي محمّد وآله وصحبه الميامين.
الهوامش:
(1) معالم مكة التأريخيّة والأثريّة: 182، البلادي (عاتق بن غيث) ، مكّة المكرّمة، دار مكّة، 1400ه- - 1980م.
(2) الوسائل: 10، الباب9 من أبواب إحرام الحاجّ، الحديث1، وذيل الحديث باب من أبواب إحرام الحاجّ، الحديث1.
(3) نفس المصدر، الباب10، الحديث6.