72مشكلة الذبح: وعلي ما تقدّم من حدود مِني، تواجهنا مشكلة حاليّة بناءً علي ما اتّفقت عليه الإماميّة من وجوب الذبح في مِني، حيث إنّ المذبح الذي أوجدته الحكومة السعوديّة يكون خارج مِني حسب العلامات التي نصبت هناك، وتمنع الحكومة الذبح في غير هذه الأماكن التي أعدّتها
للذبح حتّي في الأيّام اْلأُخري بعد يوم النحر وأيّام التشريق، فهل من مخرجٍ لهذه المشكلة العويصة؟
وتشتدّ هذه المشكلة علي الناس فيما إذا علمنا أنّ الذبح خارج مِني لا يجزي، إذ ليس المورد من موارد التقيّة، فإنّ مورد التقيّة فيما إذا كان المكلّف غير معروف المذهب، فلا يعمل بما هو الحقّ عنده خوفاً من الظالم، والواقع القائم الآن بخلافه تماماً، لأنّ المكلّف معروف المذهب، ومعلوم أنّه لا يعتقد صحّة الذبح خارج مِني، وأنّه يريد الذبح في مِني، إلاّ أنّ المنع الحكومي الناشئ من أنّ من يخالف ويشقّ عصا طاعة وليّ الأمر لا يجوز إقراره علي مخالفته من أيِّ مذهبٍ كان.
وعلي هذا يكون المورد إذا كان هناك إجبار علي الذبح في المسلخ علي المكلّف، من باب ارتكاب أخفّ المحظورَين وأقلّ الضررَين يُريدُ اللهُ بِكُمُ اليُسْرَ وَلا يُريدُ بِكُمُ العُسْرَ ، وَما جَعَلَ عَلَيْكُمْ في الدِّينِ مِنْ حَرَج ، فهو من باب قوله (عليه السلام) : "لإِن أفطر يوماً ثمّ أقضيه أحبّ إليَّ من أن تضرب عنقي"، وأمّا إذا لم يكن إجبارٌ علي الذبح وذَبَحَ خارج مِني فهو لا يجزيء أيضاً. وعلي هذا فيجب القضاء علي المكلّف لهذا النسك إذا تمكّن بعد ذلك في بقيّه أيّام ذي الحجّة، أو أن يخلف ثمنه عند عدل ليشتري له هدْياً ويذبحه في شهر ذي الحجّة.
فهل توجد طريقة للتخلّص من هذه الطريقة وتقول بالاكتفاء بالذبح في المذبح الحالي الذي هو خارج مِني؟
الجواب: توجد عندنا روايات معتبرة تقول: إذا ازدحمت مِني بالناس ارتفعت إلي وادي محسِّر، فيكون وادي محسِّر حكمه حكم مني، وحينئذٍ يكون الذبح في المذبح الحالي مجزياً، ففي معتبرة سماعة قال: "قلت للصادق (عليه السلام) : إذا كثر الناس بمِني وضاقت عليهم كيف يصنعون؟ فقال: يرتفعون إلي وادي محسِّر. . . " (56) .
فهل يمكن الاكتفاء بهذه الرواية للذبح خارج الحدّ والوقوف كذلك؟ !
إذا كان الجواب بالإيجاب فتنحّل مشكلة مهمّة.
والخلاصة لكلّ البحث: تمكن في أنّ نَمِرَة التي هي (بطن عُرَنَة) هل من عرفات أو لا؟ وكذا مسجد إبراهيم القديم الذي يكون في نَمِرَة؟ فإن قلنا: انّها خارجةٌ من عرفات كما هو ظاهر الروايات التي شرحت لنا حجّ النبيّ (صلّي الله عليه وآله وسلم) ، وكذا بقيّة الروايات التي أخرجت نَمِرَة عن حدود عرفات، تواجهنا مشكلة أنّ الوقوف في عُرَنَة ليس من الزوال إلي الغروب.