71- بكسر الميم والتنوين -، سُمّيت بذلك لما يُمني فيها من الدماء.
وقيل: إنّها سُميت لما يُمني فيها من الدعاء.
وقيل: لِما رُويَ عن ابن عبّاس: "أنّ جبرئيل (عليه السلام) لمّا أراد أن يُفارق آدم (عليه السلام) قال له: تَمَنَّ. قال: أتَمنَّي الجنَّة، فُسُمِّيت بذلك لأمنيته" (50) .
وقيل: "سمّيت مني لأنّ جبرئيل أتي إبراهيم (عليه السلام) فقال له تمنَّ علي ربِّك ما شئت". فسُمِّيَت مني، واصطلح عليها الناس، وفي الحديث "أنّ إبراهيم تمنّي هناك أن يجعل الله مكان ابنه كبشاً يأمره بذبحه فديةً له" (51) . فأعطاه الله مُناه.
وقد اتّفقت الروايات علي أنّ حدّ مِني من جهة الطول من العقبة إلي وادي محسِّر علي صيغة اسم الفاعل، فقد ذكر صحيح معاوية لأبي بصير عن الإمام الصادق (عليه السلام) أنّه قال: "حدّ مني من العقبة إلي وادي محسِّر" (52) . وجمرة العقبة هي حدّ مني من جهة مكّة، ووادي محسِّر حدّها من جهة مزدلفة، وهذا الحدّ قد ذكره المؤرّخون والجغرافيّون أيضاً. فقد قال الأزرقي في أخبار مكّة بسنده عن ابن جريح: "قال: قُلت لعطاء بن أبي رباح، أين مِني؟ قال: من العقبة إلي محسِّر، قال عطاء: فلا أحبّ أن ينزل أحد إلاّ فيما بيين العقبة ومحسِّر. . . " (53) .
أقول: هذا الذي تقدّم هو حدّ لمِني من ناحية الطول، أمّا حدّها من ناحية العرض، فهو ما بين الجبَلَين الكبيرَين بامتدادهما من العقبة حتّي وادي محسِّر، وقد ذكر الفاسي في شفاء الغرام: "أنّ ما أقبل علي مِني من الجبال المحيطة بها من كِلا جانبَيها فهو منها وما أدبر من الجبال فليس منها" (54) . وقد قال النووي في المجموع: "واعلم أنّ مني شِعبٌ ممدودٌ بين جبَلَين أحدهما ثبير والآخر الصابح. قال الأصحاب: ما أقبل علي مِني من الجبال فهو منها وما أدبر فليس منها" (55) .
أقول: كأنّ مِني لا تحتاج إلي أن تحدّد من ناحية العرض لوجود هذَين الجبلَين الكبيرين المفروض أنّهما حدُّ للمنطقة، فكأنّ السؤال في الروايات عن حدخاص من ناحية مكّة ومزدلفة فذكرته الروايات.
العقبة هل هي من مِني؟
الجواب: بقرينة اتّفاقهم علي أنّ (محسِّراً) ليس من مِني، وإنّما هو حدّ لها فكذلك العقبة، لاقترانها هي اْلأُخري بأداة التحديد وهي (من) ، ولكن حكي عن بعض الفقهاء: أنّ العقبة من مِني وليست حدّاً لها.
وسُمّيت بالعقبة لأنّها مدخل مِني من الغرب، وسُمّيت الجمرة هنا بجمرة العقبة.