70وقال ابن خميس في مجازه: "ومحسِّر: وادٍ يقبل من الشمال إلي الجنوب من فجٍ يفصل بين مني وجبالها وبين مزدلفة وجالها وهو منخفض يسيل عليه ما والاه منهما، وما يسيل من مني أكثر، وعرض وادي محسِّر خمسمئة وأربعون ذراعاً" (44) ، أي ما يساوي 270 متراً تقريباً.
وذكر في وجه تسميته بمحسِّر من التحسير أي الإيقاع في الحسرة أو الإعياء، سُمّي به لأنّه قيل إن أبرهة أوقع أصحابه في الحسرة أو الإعياء لمّا جهدوا أن يتوجّه إلي الكعبة فلم يفعل" (45) .
ثمّ إن الظاهر أنّ المراد من الحياض هي وادي محسِّر لا أنّه مكانٌ آخرٌ من المزدلفة، وأنّ الحياض جمع حوض وهو الوادي الذي قد يكون فيه مجموعة حياض، وقد تقدّم من الروايات التعبير (بحياض محسِّر) فيكون التعبير بوادي محسِّر بعد كلمة الحياض في بعض الروايات لبيان معني الحياض.
ووادي محسِّر هو حدود مزدلفة من ناحية الغرب، فضفّة وادي محسِّر الشرقيّة هي الحدّ الفاصل بين مزدلفة ومني.
أقول: هذا التحديد الذي ذُكر، هو تحديد للمزدلفة من ناحية طولها.
أمّا تحديد مزدلفة العرضي، فيوجد جبلان كبيران مطلاّن علي المزدلفة أحدهما من الجهة الشماليّة يقال له (جبل المزدلفة) ، والآخر من الجهة الجنوبيّة، وقد ذكرتهما صحيحة زرارة المتقدّمة عن الإمام الباقر (عليه السلام) بقولها إلي الجبل، والمراد به جنس الجبل هناك فيشمل الشمال والجنوب. إذن تبيّن أنّ ما بين حدَّي مزدلفة طولاً وما بين حدَّيها عرضاً من الشعاب والهضاب والقلاع والروابي ووجوه الجبال كلّها تابعةٌ لمشعر مزدلفة وداخلةٌ في حدودها، فعن الإمام الباقر (عليه السلام) قال: "ووقف النبيّ (صلّي الله عليه وآله وسلم) بجمع، فجعل الناس يبتدرون أخفاف ناقته، فأهوي بيده وهو واقفٌ فقال: إنّي وقفت وكلّ هذا موقف" (46) .
وعلي هذا التحديد لمزدلفة، فلا يجوز الوقوف في المأزمَين وقبلها إلي عرفات ولا في وادي محسِّر وبعده إلي مني، فإنّ هذه الحدود ليست من المزدلفة، فلا يجزي الوقوف فيها، وقد ورد في صحيح هشام بن الحكم عن الإمام الصادق (عليه السلام) قال في حديث: "ولا تجاوز وادي محسِّر حتّي تطلع الشمس" (47) .
وصحيح الحلبي عن الإمام الصادق (عليه السلام) قال في حديث: "ولا تجاوز الحياض في ليلة المزدلفة " (48) .
وقد جوّزت الروايات الارتفاع إلي المأزمَين الذي هو حدّ المزدلفة خارجٌ عن المحدود عند الضرورة لازدحام الناس وضيق مزدلفة عليهم، فقد روي سماعة في الموثّق قال، قلت للإمام الصادق (عليه السلام) : "إذا كثر الناس بجمع وضاقت عليهم كيف يصنعون؟ قال: يرتفعون إلي المأزمَين" (49) .
ثالثاً - حدود مِني: