28يقول الشاطبي: إنّ من السلف من يرشد كلامه إلى أنّ العاديات كالعبادات، فكما أنّا مأمورون في العباديات بأن لا نحدث فيها، فكذلك العادات.
وهو ظاهر كلام محمد بن أسلم. . . ويظهر أيضاً من كلام من قال: أوّل ما أحدث الناس بعد رسول الله صلى الله عليه وآله، المناخل.
وأضاف الشاطبي: ويُحكى عن الربيع بن أبي راشد أنّه قال: لولا أنّي أخاف من كان قبلي لكانت الجبّانة مسكني إلى أن أموت. والسكنى (أمر) عادي بلا إشكال. وعلى هذا الترتيب يكون قسم العاديات داخلاً في قسم العبادات فدخول الابتداع فيه ظاهر، والأكثرون على خلاف هذا.
وإليك بعض هذه الموارد الدالَّة على هذا الفهم المغلوط للبدعة:
- روى الغزالي: أنّ رجلاً قال لأبي بكر بن عياش: كيف أصبحت؟ فما أجابه، قال: دعونا من هذه البدعة.
- وقال محمد بن حمد ابن الحاج المالكي (المتوفّى 737 ه-) : وقد منع علماؤنا رحمة الله عليهم المراوح، إذ إنّ اتخاذها في المساجد بدعة.
- وقال ابن الحاج أيضاً (وهو يذكر ما يسمّيه البدع المحدثة في المساجد) : وليحذر أن يفرش السجّادة على المنبر لأنّ ذلك بدعة. . وكذلك ينبغي أن يُمنع ما يُفرش على درج المنبر يوم الجمعة، فإنّه من باب الترفّه، ولم يكن من فعل مَن مضى، فهو بدعة أيضاً.
وقد ذكر كلٌّ من الشاطبي وابن الحاج نظائر من هذه الأُمور الّتي أدخلت تحت عنوان الابتداع في الدين، فلا نطيل فيها الكلام.
أهؤلاء هم الذين صاروا زيناً لخير القرون وأصبحوا أدّلاء على الإسلام في عامة القرون؟ ! لاأدري ولا المنجم يدري.