26البدعة، فإنّ الجهل بها وبحدودها صار سبباً لرمي كثير من الأعمال والسنن والمراسم والشعائر الدينية بالبدعة.
ولاشكّ أنّ البدعة في الدين من كبائر المعاصي وعظائم المحرّمات، وقد دلّ على حرمتها الكتاب والسنّة، وأُوعد صاحبها بالنار على لسان النبي الأكرم صلى الله عليه وآله; لأنّ المبتدع ينازع سلطان الله تبارك وتعالى في التشريع والتقنين، ويتدخّل في دينه فيزيد عليه وينقص منه شيئاً كلّ ذلك افتراء على الله، وهذا أمر اتّفق عليه المسلمون، إنّما الكلام في تحديد مفهوم البدعة.
تعريف البدعة:
يمكن تعريف البدعة بالنحو التالي:
البدعة: التدخّل في الدين في الأُصول والفروع، بعبارة أُخرى عقيدة وحكماً بزيادة أو نقيصة لكن بشرطين:
1. أن تكون هناك إشاعة ودعوى إلى فعل المبتدع.
2. أن لا يكون هناك دليل في الشرع على جواز الشيء، لا بالخصوص ولا بالعموم.
أمّا التعريف فتعلم صحّته من الآيات الذامّة لعمل المشركين وأحبار اليهود. وأمّا الشرط الأوّل فيقول: قُلْ ءآللهُ أَذِنَ لَكُمْ أَمْ عَلَى اللهِ تَفْتَرُونَ . فتدلّ على أنّ كلّ شيء إذا لم يأذن به ومع ذلك نُسب إليه سبحانه، يكون من مقولة الافتراء على الله.
وأمّا الثاني فقوله: فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَذَا مِنْ عِنْدِ اللهِ . فقولهم: هَذَا مِنْ عِنْدِ اللهِ ، صريح في أنّهم كانوا يتدخّلون في الشريعة الإلهية فيعرِّفون ما ليس من عند الله على أنّه من عند الله. وهذا يثبت أنّ الموضوع في هذه الآية وأمثالها هو البدعة في الدين لامطلقها.
وبذلك ظهر أنّ كلّ أمر مستحدث إذا لم يُنسَب إلى الدين وإلى ما أنزله الله فليس ببدعة، وإن اندرج في الحلال تارةً والحرام أُخرى.
توضيحه: لاشكّ أنّه قد ظهرت في مجتمعاتنا أُمور جديدة، ومع ذلك لا يمكن وصفها بالبدعة، ولايشملها قوله صلى الله عليه وآله: «كلّ بدعة ضلالة» إذ المراد كلّ بدعة في الدين، لا كلّ أمر جديد، فالمبتدع هو المتدخِّل في الشريعة لا المتدخّل في شؤون الحياة مجرّداً لها عن الشارع.