25وآله ذلك الأعمى عندما علّمه ذلك الدعاء؟ لقال: علّمه النبي أن يقول: يا محمد إنّي أتوجّه بك إلى ربّي . أليس ذلك نداءً للصالحين ودعاءً لهم؟ فكيف علّم نبي التوحيد أُمّته بدعائه وندائه؟
والعجب أنّ عثمان بن حنيف علّم هذا الدعاء لشخص آخر كان يختلف على عثمان بن عفان في حاجة له، فكان عثمان لا يلتفت إليه ولا ينظر في حاجته، فلمّا علّمه ابن حنيف ذلك الدعاء وعمل بما فيه، قُضيت حاجته، عندما ذهب إليه.
مفاد قولهم الدعاء مُخّ العبادة
وهناك من الوهابيين مَن يدلّس ويشوّش الأفكار ويقول بأنّ الدعاء يرادف العبادة، ويروي أنّ الدعاء مخّ العبادة، فدعاء الصالح بأيّ معنى كان، يكون عبادة.
وهذا من مغالطاتهم الواضحة فإنّ الدعاء تارة يستعمل في العبادة وأُخرى بمعنى الطلب، فهذا هو مؤمن آل فرعون يدعو قومه ويقول: وَيَا قَوْمِ مَا لِي أَدْعُوكُمْ إِلَى النَّجَاةِ وَتَدْعُونَني إِلَى النَّارِ ، وقال سبحانه حاكياً عن النبي صلى الله عليه وآله: إِذْ تُصْعِدُونَ وَ لاَ تَلْوُونَ عَلَى أَحَد وَ الرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ فِي أُخْرَاكُمْ ، وقال تعالى: وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ إلى عشرات الموارد الّتي استعمل فيها الدعاء بمعنى الطلب والدعاء. وأمّا ما روي من أنَّ الدعاء مخّ العبادة، فالمراد أنّ دعاء الله مخّ العبادة، لا دعاء الصبي أُمّه، والمخدوم خادمه.
وبما أنّ المجال لا يسع لأن نذكر سائر الأدلّة الّتي تدل على جواز التوسل بالصالحين ودعائهم، اكتفينا برواية واحدة وفيها غنىً وكفاية.
البدعة مفهومها وحدّها
قد تقدّم أنّ الجهل بمفهوم الأمرين: العبادة والبدعة، وعدم تحديد مفهوم كلٍّ منهما، صار سبباً لمسلسل التكفير، وقد مرّ الكلام في مفهوم العبادة وعرفت أنّ المسلمين عامّة لا يعبدون سوى الله تبارك وتعالى، وأنّ توسّلهم أو نداءهم للصالحين لا يمتّ إلى العبادة بصلة، وبقي الكلام في مفهوم