64(الصورة التمثيلية) وأمّا الاُخريان فيتضمنان صورتين (تشبيهيتين) الاُولى منهما قد اعتمدت أداة التشبيه (الكاف) والاُخرى قد اعتمدت أداةً تشبيهية اُخرى هي (كأنّ) .
المهم: نقف عند الصورة (التمثيلية) أوّلاً، وهي:
* قال تعالىٰ: ( وتزوّدوا فإنّ خير الزاد التقوىٰ) .
النصّ المتقدّم ينطوي على صورة مألوفة كلّ الإلفة، حيث نعرف تماماً بأن الصور قد تكون مضبّبة يحتاج المتلقّي خلالها إلى بذل جهدٍ فكري وعصبي؛ ليدرك العلاقة بين طرفي الصورة وبين الدلالة المستخلصة منها، وبعضها يتّسم بالضبابية الخفيفة والممتعة بحيث تتطلّب جهداً بسيطاً؛ لإدراك العلاقة ودلالتها، وبعضها يتّسم بالطرافة، وبعضها يتّسم بالإلفة؛ كما هو الملاحظ بالنسبة إلى الصورة التي نحن في صددها. . . طبيعياً، يستخدم القرآن الكريم جميع الأنماط التي أشرنا إليها ما عدا النمط الأوّل (المضبّب تماماً) لأنّ ذلك يستتلي جهداً مضنياً يتنافى مع هدف (توصيل) الدلالة إلى المتلقّي، ومن ثم، فإنّ السياق هو الذي يحدّد ما إذا كان الأمر يتطلّب الصورة المضبّبة الممتعة، أو الطريفة، أو المألوفة. . .
الصورة المألوفة التي نواجهها، تنطوي على دلالة عميقة بطبيعة الحال، . . . إنّها تتحدّث عن (التقوى) فيما تجسّد التقوى هدفاً ما بعده من هدف بالنسبة إلى ممارسة الإنسان لمهمّته العبادية في الحياة، بصفة أن اللّٰه تعالى ما خلق الجنّ والإنس إلّا ليعبدوه، والعبادة المطلوبة ليس هي مجرّد أدائها، بل بلوغ الدرجة الأعلى منها، تبعاً لما تقرّره الآية الكريمة: ( ليبلوكم أيّكم أحسنُ عملاً. . .) 1، أي: إنّ المطلوب من الممارسة العبادية هي (الأجود) وليس (الجيّد) فحسب، وهذا ما استهدفه النصّ القرآني الكريم في الصورة التمثيلية، حيث تجسّد (التقوى) - كما هو بيّن - (أحسن) العمل أو القمّة منه، فانتخب ظاهرة (الزاد) ليربط بينها وبين (التقوى) . . .
ونتساءل: لماذا (الزاد) دون غيره من الظواهر؟