199يظن أنّ هذا الدور قد استثمر بوضوح بكشف الحقيقة، وأنّ هؤلاء الرجال كانوا يبدون وكأنّهم قد رجعوا لطبيعتهم، عندما كانوا ينغمسون انغماساً عميقاً في شخصياتهم الكاذبة. وبالنسبة إليهم، لقد كان مجرّد الاشتراك، في خضم تلك الصرامة والقسوة في الحياة البدوية، ما هو إلّاعامل مكمِّل لشخصياتهم بشكل ليس له مثيل (42) .
وقد أفصح، بعد نصف قرن تقريباً، رحالة يهودي بريطاني هو «وليم بلغريف» عمّا كتمه آخرون، حينما كتب في مشاهداته الشخصية عن «رحلة عام في وسط وشرق الجزيرة العربية» عام 1873م: «لقد حان الوقت لأن نملأ هذا الفراغ الموجود في خارطة آسيا، وهذا الذي سنحاوله رغم كلّ خطر، فإمّا أن تصبح الأرض الممتدة أمامنا قبراً لنا، أو أننا سنعبر أوسع امتداداتها عرضاً» ، فإنّه كان يلخص حلم الرحالة الذين سبقوه واغراض أولئك الذين سيأتون بعده (43) . ولا يُنبئك مثل خبير.
إعادة طبع الرحلات
بقي أن نشير إلى أن رحلات علي بكالتي أثارتجدلاً، قد طبعت بالانگليزية عام 1816، تحت عنوان: «رحلات علي بك في المغرب وطرابلس وقبرص ومصر والجزيرة العربية وسوريا وتركيا 1803 - 1807» (44) ويحمل غلاف الرحلاتصورة «عليبكالعبّاسي» بزيّهالإسلامي. و اُعيد طبعها في لندن عام 1993.
ولندرة الكتاب وأهمّيته غدا سعره مرتفعاً جدّاً، خاصّة في مطلع القرن العشرين، ويذكر أمين الريحاني معاناته للحصول على نسخة من الرحلات، وكيف أنّ أحد الكتبيين نشر إعلاناً في الصحف، لمن لديه نسخة يريد بيعها، وحينما وُجد. . كان الثمن عشرين ليرة إنگليزية فقط! !