200
سيتزن. . أو الحاج موسىٰ!
أمّا الرحّالة الثاني الذي قام بمهمّة مشابهة، فهو الألماني «الريخ سيتزن» ، غير أنّ المعلومات عنه شحيحة جدّاً، ولا ترقى المصادر المتوفّرة (لدينا في أقل التقادير) إلى عدد أصابع اليد الواحدة، وحتى هذه المصادر تذكره بإيجاز شديد.
يعرّفه الدكتور عبدالرحمن بدوي بأنّه «مستشرق ورحالة ألماني» ؛ ولهذا صنّفه ضمن موسوعته الشهيرة عن المستشرقين (45) . ولد عام 1767م. ونجهل الكثير عن نشأته وحياته، وكلّ ما نعرفه؛ أنّه قضى عشرين سنة يدرّس ويتأهّب لرحلته إلى الشرق. فجاء سوريا سنة 1805 وأقام فيها بضع سنين، وكتب في رحلته كتاباً قيّماً باللغة الألمانية (46) .
جاء إلى مصر في 1807 م، فأقام بها طوال عامين. وكان يلبس الزي الإسلامي (47) .
وكان قد تعرّف إلى المستشرق النمساوي «همّر پورجشتال» ] 1774 - 1856م [ وفي اسطنبول عام 1802م، وتبودلت بينهما الرسائل بعد ذلك، فكان سيتزن يصف لهمّر ما يشاهده في رحلاته في سوريا وفلسطين وشرقي الأردن وبلاد العرب ومصر السفلىٰ والفيّوم. وفي مصر جمع مخطوطات عربيّة وآثاراً مصرية قديمة، وقد اقتنىٰ هذه المخطوطات لصالح المكتبة الدوقيّة في جوتا (48) .
سافر إلى الحجاز، في زيّ درويش اسمه «الحاج موسى» فدخل مكّة حاجّاً سنة 1810م. . وهناك قابل الأمير سعود، وكان قد ارتاب بقيافته وإسلامه، ولكن كبير الوهابيين يومئذ لم يمانع العالِم الافرنجي في تجواله (49) ولا ندري ما هو السرّ وراء هذا التساهل الوهابي، مع المشكوك في أمرهم إسلامياً، قبال تشدّدهم المعهود مع بعض المسلمين، الذين لا يتوانون عن إلصاق تهمة «الشرك» بهم، بمناسبة وفي غير مناسبة؟ !
وعلى أيّة حال، فإنّ سيتزن المسكين - كما يصفه برينث - تلك الشخصية