188لي بأن أحافظ على المصاريف التي كان يتطلّبها مركزي، فضلاً عن أموالي الخاصّة» .
قضىٰ «علي بك» سنتين في المغرب، واستطاع أن يعطي تفاصيل دقيقة عن البلد ومناطقه وسكّانه. غير أن العلماء المختصّين بشؤون المغرب حديثاً لم يجدوا أيّة إشارة إليه في المراجع المعاصرة له. ممّا يؤكّد أنّ هذا اليهودي كان ضالعاً في مهمّة سرّية، وليس في مهمّة علميّة؛ لذا فإنّ المعلومات التي سجّلها والانطباعات التي رصدها قد أخذت طريقها الى كواليس أجهزة الرصد الاستعمارية.
وما يعزّز هذا التحليل، هو أنّ «بدويل» يقول في المقدّمة: «لم تكن هناك أيّة فائدة بالنسبة إلى أسبانيا في متابعة تمويل رحلات "علي بك" بعد المغرب، إلّاأنّ انتقاله تزامن مع اندلاع الحرب الفرنسية - الروسية، وبروز سياسة جديدة عند نابليون تهدف إلى اكتساب أصدقاء في تركيا وايران ومصر. . وحتى في مسقط» .
أمضى «علي بك» أشهراً قليلة في طرابلس، انتقل بعدها إلى قبرص، ثمّ توجه إلى مصر، حيث التقى محمد علي باشا. وفي كانون الأوّل (ديسمبر) 1806م بدأ رحلته إلى مكّة المكرّمة التي وصل إليها بعد شهر، في 23 كانون الثاني (يناير) 1807م. فاستقبله أمير المدينة بحفاوة وعيّن موظفاً كبيراً لمرافقته (11) .
التظاهر بأنّه من أشراف المسلمين!
إذن، هذا اليهودي الذي تزيّا بزي المسلمين، وسمّىٰ نفسه «علي بك العباسي» كان مكلّفاً بمهام خاصّة من قبل الحكومة الفرنسية (12) وعندما وصل إلى بلاد العرب لم يكن هذا الذي وصل إلى الشواطئ العربية رحالة أو عالماً أسبانياً، بل كان رجلاً مسلماً، ومن أشراف المسلمين. . ! ! ، إذ اختار لنفسه اسماً مرموقاً وأجداداً ممتازين، كما يقول «يرينث» .
ولكي يدلّل على مصداقيته وليبعد الشبهات عنه، اعتاد الخدم من حاشيته