187
مهمّة خاصة في المغرب
بعد هذه المقدّمة المختصرة، يصف وصوله إلى طنجة في حزيران (يونيو) 1803م ويزعم أنّ اسمه «علي بك العباسي» وأنّه ينحدر من سلالة هارون الرشيد، ويقيم في مدينة حلب. لكن «بدويل» يقول: «إنّ قصّة هويته الكاملة ما تزال مدفونة في محفوظات مكتب استخبارات ما، أو أنّها فقدت إلى الأبد» .
والواقع أنّ المعلومات عنه قليلة، ويتردّد أنّه كان جاسوساً، عمل أوّلاً لحساب الأسبان، ومن ثم لحساب نابليون. وهو من أصل أسباني، ولد في برشلونة عام 1766م. درس اللغة العربية والعلوم (الفيزياء وعلم النبات والجيولوجيا) في جامعة فالنسيا. وفي 1801م قدّم خدماته كمستكشف في غرب أفريقيا إلى شخصية بارزة في السلطة الأسبانية، وفي العام 1802 زار لندن حيث قدّم إلى «جمعية المساعدة لاكتشاف المناطق الداخلية في أفريقيا» مشروعاً للوصول إلى تبكتو عن طريق الجنوب، عبر جبال الأطلس. وبعد سنة فقط، وصل إلى المغرب بزي عربي كامل، وثراء واضح، وحاشية بارزة.
ويعتقد المؤرّخون الذين اهتموا بسيرة «علي بك» أنّ نفقات الرحلات كانت باهظة إلى حدّ لم يكن بإمكان أسبانيا وحدها أن تتحمّلها، ولذلك فمن المحتمل أنّه عمل أيضاً كجاسوس لحساب نابليون، الذي كان يطمح منذ حملته على مصر في العام 1798م، إلى استغلال العالم الإسلامي لصالح فرنسا. وكان الامبراطور الفرنسي أمر باجراء أسبار سرّية على شواطئ شمال أفريقيا، وجهّز الخطط المختلفة، من أجل استعمار الأراضي الزراعية الغنية في المنطقة ذاتها.
ويقول «علي بيك» : إنّه، خلال إقامته في المغرب، أصبح صديقاً للسلطان مولاي سليمان، وأهداه عشرين بندقية، وبرميل بارود، ومظلّة جميلة. وفي المقابل، قدّم له السلطان رغيف خبز من فرنه الخاص، كدليل على الاُخوّة، والأهم من ذلك، حسب كلام الرحالة: «أهداني السلطان أراضي واسعة، سمحت