186وماذا تكمن وراء ذلك من دوافع. . وأهداف؟
وحتى نصل إلى جليّة الموقف، لابدّ من تتبّع تحرّكات هذا اليهودي، لنمسك برأس الخيط.
ففي عام 1806، وصل إلى الاسكندرية، وكان قد ترك موطنه متوجهاً إلى شمال أفريقيا قبل ثلاث سنوات (8) أي أنّه بدأ رحلاته عام 1803م، التي شملت المغرب وطرابلس وقبرص ومصر والجزيرة العربية وفلسطين وسوريا وتركيا، وفي العام 1807 تمّت رحلاته، وقد دوّنها بعد عودته إلى أوروپا، واستقراره في فرنسا باللغة الفرنسية، في كتاب من جزأين (9) .
لا نعرف الشيء الكثير عن تفصيلات حياته. إذ يكتنفها قدر غير يسير من الغموض. وما معروف عنه أنّه كان عالماً ذكيّاً أجرى اتصالات مع كثير من علماء أوروپا. ولكنّه اختفى فجأةً، ولم يسأل أحد عن سبب اختفائه، وذلك لأنّ السلطات المختصّة كانت تعرف إلى أين ذهب، كما يقول «برينث» . فقد أبحر إلى البحر الأحمر، ومن ثمّ إلى جدّة، وكان ينوي أن يشقّ طريقه إلى مكّة (10) .
وفي مقدّمته للطبعة الجديدة لكتاب «رحلات علي بك» التي صدرت عام 1993 كتب الاختصاصي البريطاني «روبين بدويل» قائلاً: «لم يقدّم رحالة في العالم العربي صورة غامضة كالتي قدّمها «علي بك» ، كما أن تقريره يبدأ بطريقة مبتورة لا مثيل لها» .
وبالفعل يستهل «علي بك» سرده بصلاة قصيرة بالعربيّة، يصرّح بعدها بأنّه قرّر القيام برحلة الحجّ إلى مكّة المكرّمة، من أجل مراقبة البلاد التي سيمرّ بها، لصالح البلد الذي سيستقرّ فيه في نهاية المطاف. . وكان هذا البلد - كما نعلم لاحقاً - فرنسا.