185جهوده في المنطقة (5) .
وعلىٰ حين كانت أوروپا تهتزّ وترتعد وتسقط فريسة الحروب النابليونية، ظهر وكأن بلاد العرب أيضاً قد أصبحت تحت قبضة حركة استبدادية مطلقة. . وفي أثناء سنوات الغليان والفوضى هذه، مرّ رحّالتان جديدان، في هذه البلاد الصحراوية، وفي تلك المدن المقدّسة (6) ، وقد تظاهرا بالإسلام، منتحلين لهما اسمين مسلمين، في نطاق إخفاء مهمّاتهما السريّة.
اليهودي. . الجاسوس
وبعد ست وأربعين سنة من رحلة نيبور، وبالتحديد عام 1807 يصل الحجاز رجل يهودي اسباني الأصل يُدعى «دومنيكو باديا أي ليبليج» لينتحل اسماً ونسباً عربيّاً «علي بك العبّاسي» ، ويدّعي لنفسه أن شريف مكة (الشريف غالب) قد لقّبه «خادم بيت اللّٰه الحرام» ، وأنّه استقبله بحفاوة، وأشركه معه في غسل الكعبة المشرّفة.
وقد تضاربت الآراء في حقيقة هذا الرجل، كما يقول «برينث» فقد يكون عميلاً للفرنسيين أو البرتغاليين أو ربّما الانكليز، وهناك من يذهب إلى أنّه كان جاسوساً لسلطان مصر «محمد علي باشا» الذي كان يجهّز لحملة ضد الوهابيين، فإن «علي بك العباسي» يكون قد وضع حدّاً للجهود، التي قامت على الرغبة الغامضة والطمع في المنال القريب المتوقّف على اكتشاف الحدود الساحلية. كما أنّه سيكون أوّل أوروپي احتك بالناس، من موقع لم يثر حساسيتهم، وكان لادعائه النسب العباسي، وتأكيده لشريف مكّة بأنّه كان واحداً من عائلتهم الوجه الذي دخل به قلوب الناس، فاستغل ذلك للتجسّس عليهم (7) .
فما هي، يا ترىٰ، حكاية «العبّاسي» هذا؟
وما هي حقيقة تظاهره بالإسلام؟