121سمعها، كلّ ذلك يشرحه بالتفصيل، وينهي رحلته بشرح عودته منها إلىٰ بلخ في عام 444ه. ق.
خصوصيّات هذه الرحلة:
حاول ناصر في هذا الكتاب عدم الابتعاد عن جادّة الصواب، وأن يوضّح الحقائق بعيداً عن أهوائه فكانت النتيجة، أن أصبح كتابه موضع ترحيب & العام والخاص؛ للأسباب التالية:
1 - الصدق والإخلاص في عرض الحقائق، حتىٰ علىٰ نفسه.
في بداية رحلته، يتحدّث عن شربه الخمر لمدة شهر واحد. ويُلقي علىٰ مسامعنا هذا الدرس للنبيّ الأكرم صلى الله عليه و آله «قولوا الحقَّ ولو علىٰ أنفسكم» 1.
2 - مراعاة الاختصار والإيجاز؛ والابتعاد عن الحشو والزيادة.
يلخّص ناصر لنا مشاهداته ومسموعاته في سبع سنوات من رحلته في 125 صفحة فقط، وهذه دلالة علىٰ براعة المؤلف بالاستعمال المناسب للكلمات.
3 - المشاهدة الدقيقة، ووصف وتصوير ما رأىٰ.
فهو لا يمرّ على الأشياء مرّ الكرام، بل يعطي العين والأذن حقّهما، ويصف مشاهداته بشكل نعتقد معه أننا نحن الذين ننقل مشاهداتنا.
يقول أحد أصحاب الرأي السديد في هذا المجال:
«من قرأ في هذا الكتاب بدقّة وصفه مكّة المكرّمة، والكعبة المشرّفة ومناسك الحجّ، وتُتاح له زيارةُ بيت اللّٰه الحرام، يرىٰ أنه بالرغم من ألف عام تفصلنا عنه، غير متخلف في أداء مناسك الحج عن أولئك الذين حظوا بشرف أدائها في ذلك الوقت» 2.
وهنا يضع ناصر معلومات جمّة بين يدي القارئ، فهو يُطلعه علىٰ جغرافية المدن، والفن المعماري، والتقاليد الدينية والاجتماعية والمنظمات الإدارية، وعادات الناس، وحتىٰ مسألة الماء ومعدّل الاستفادة منه.