171281ه) قد ألّف رسالة مستقلّة، وذكر أنّها تنقسم حسب انقسام الحكم الشرعي إليها.
فالقسم الواجب ما يكون لدفع ضرر متوجّه إليه من النفس أو العرض فتكون التقيّة واجبة باعتبار غايتها وهي حفظ النفس والنفيس نزولاً على حكم العقل الحصيف، أفيصحّ في منطق العقل أن يعرّض الإنسان نفسه للهلاك وعرضه إلى التهتّك، مع أنّه يمكن صيانتهما بمجرّد المماشاة مع العدوّ لفظاً أو عملاً؟ ! فمن قال بجواز التقية فلعلّه أراد به الجواز بالمعنى الأعم الّذي يجتمع مع الوجوب.
وأمّا القسم المحرّم فهو كما في الدماء، فاذا توقف العمل بالتقية على قتل المؤمن البريء فالتقية عندئذٍ حرام، فقد أُثر عن أئمة أهل البيت (عليهم السلام) قولهم:
إنّما جعلت التقية ليُحقَن بها الدم، فإذا بلغ الدم فليس تقيّة.
1
وأمّا سائر الأقسام فمن أراد التعرّف عليها، فليرجع إلى رسالة الشيخ الأنصاري وغيرها ممّا ألّف في هذا المقام.
وممّا يجب التنبيه عليه أنّ التقية تحرم في غير موضع الدم أيضاً، وهذا فيما إذا تعلّق بأساس الدين، كما إذا تعرض المسلم من قبل أعداء الدين بعمل فيه هدم الدين. فتحرم التقية ويجب عليه تحمل الضرر مهما بلغ وإن كان بقيمة نفسه.
ونظير ذلك فيما إذا كان المكره عليه أمراً تجوز فيه التقية، كما في شرب الخمر أو اللعب بالقمار، ولكن إذا أكره السلطان الجائر أحد القادة الروحيين أو مرجعاً من مراجع الدين على مثل هذه الأُمور فتحرم عليه التقية، إذ في ذلك العمل تراجع الناس عن الدين وزعزعة إيمانهم، وبذلك تقف على سرّ صمود حجر بن عدي وأصحابه الذين قتلوا في مرج العذراء، فمدّوا الرقاب للسيف ولم يتبرّأوا من علي (ع) ، ومثلهم ميثم التّمار وغيره، وذلك لأنّ هذه الشخصيات من الأماثل الكبار