16
و منها ما لا يقتضي بمدلوله المطابقي اللزوم و لا الجواز بل يكون لزومه بالالتزام الخارجي من المتعاقدين بإبقاء ذلك المدلول و عدم إلغائه كما في عقد البيع حيث ان مدلوله المطابقي هي المعاوضة بين المالين و يكون التزام من المتبايعين على إبقاء تلك المعاوضة و عدم إلغائها بقرينة العادة و بناء العرف على ان من أوجد المعاوضة فيلتزم بها و إلاّ لم يقدم أحد بالمعاوضة خصوصا في الأشياء الخطيرة، و يعم قوله سبحانه (أَوْفُوا بِالْعُقُودِ) للبيع بلحاظ المدلول الالتزامي الثابت له بقرينة العادة و بناء العرف فيكون لزومه حقيّا مالكيّا لا حكميّا فيدخل في هذا القسم الخيار بالاشتراط كما يدخل عليه الإقالة حيث ان اشتراط الخيار فيه لا يكون مخالفا لمقتضى العقد فيعمه قوله (ص) المؤمنون عند شروطهم و دخول الإقالة باعتبار ان لكل من المتعاملين ردّ التزام طرفه اليه و المفروض ان حكم الشارع باللزوم تابع لالتزامهما و ان البيع في نفسه لا اقتضاء فيه بالإضافة إلى اللزوم و الجواز.
و بذلك يظهر ما ذكروه من ان الخيار يدخل في كل معاملة تدخل فيها الإقالة و يترتب على ما ذكر من ان الخيار هي السلطنة على إلغاء المعاملة و إبرامها حيث ان باشتراط الخيار يملك أحد المتعاملين التزامه بالمعاملة و التزام طرفه بها و مع عدمه يملك التزام طرفه فقط و بالإقالة يرد عليه ما خرج عن ملكه و يخرج عنه ما دخل في ملكه بالالتزام بالمعاملة.
أقول: ان كان الالتزام من المتبايعين بإبقاء البيع و عدم إلغائه دخيلا في صدق عنوان العقد يكون الأمر كذلك في غيره ايضا كالنّكاح و الضمان و عليه فكما يكون اللزوم في البيع باعتبار ذلك الالتزام يكون الأمر في النكاح و الضمان ايضا لذلك لان الموضوع لوجوب الوفاء فيها وضعا و هو العقد كما هو مفاد قوله سبحانه (أَوْفُوا بِالْعُقُودِ) فلا وجه لأخذ الالتزام في موضوع لزوم البيع و لا يؤخذ في موضوع لزوم