85عهود المشركين، ويعلن يوم النحر إذا اجتمع الناس بمنى: «لا يدخل الجنة كافر، ولا يحج بعد العام مشرك، ولا يطوف بالبيت عريان، ومن كان له عهد عند رسول الله (ص) هو إلى مدته» ومن ثم لم يحج (ص) حتى تطهر البيت من المشركين ومن العرايا.
وهناك ما يستأنس به - والقول ما زال لسيد قطب - على أنّ فريضة الحج وشعائره قد أقرها الإسلام قبل هذا؛ وقد ورد أنّ الفريضة كتبت في مكة قبل الهجرة، ولكن هذا القول قد لا يجد سنداً قوياً، إلاّ أنّ آيات سورة الحج المكية "على الأرجح" ذكرت معظم شعائر الحج، بوصفها الشعائر التي أمر الله إبراهيم بها، الآيات: 26-29، 31-33، 36-37؛ وقد ذكر في هذه الآيات أو أشير إلى الهدي والنحر والطواف والإحلال من الإحرام وذكر اسم الله، وهي شعائر الحج الأساسية، وكان الخطاب موجهاً إلى الأمة المسلمة موصولة بسيرة أبيهم إبراهيم، مما يشير إلى فرضية الحج في وقت مبكر، باعتباره شعيرة إبراهيم الذي إليه ينتسب المسلمون؛ فإذا كانت قد وجدت عقبات من الصراع بين المسلمين والمشركين - وهم سدنة الكعبة إذ ذاك - جعلت أداء الفريضة متعذراً بعض الوقت، فذلك اعتبار آخر؛ وقد رجحنا في أوائل هذا الجزء - الثاني - أنّ بعض المسلمين كانوا يؤدون الفريضة أفراداً في وقت مبكر؛ بعد تحويل القبلة في السنة الثانية من الهجرة. 1وعلى القول: إنّ هذه الآية نزلت في قصة الحديبية سنة ست هجرية حين خرج رسول الله (ص) من المدينة في ذي القعدة متوجهاً إلى مكة المكرمة معتمراً لا محارباً، ومكة بعد لم تفتح له أبوابها، فهي ما زالت بيد مشركي قريش، وقد صدوه والمسلمين عن البيت الحرام، وكان هذا العمل منهم الذي سماه القرآن الكريم صداً وسماه إحصاراً: . . . وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَئَانُ قَوْمٍ أنْ صَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أنْ تَعْتَدُوا. . . . 2