82ففيها شهران من أشهر الحج؛ جاء كلامه عن الحج وأحكامه الذي تأتي أشهره بعد شهر رمضان مباشرةً: شوال وذو القعدة وذوالحجة، بعد ذكره للحج والعمرة هاتين العبادتين المباركتين وشعائرهما بالآية: وَأتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ. . . التي قبل أن تبين أحكاماً عديدةً ومهمةً نأتي عليها، تؤكد شيئاً مهماً لاتتم العبادات إلاّ به، وهو أن تكون لله تعالى خالصةً. . فالحج شعيرة من شعائر الإسلام وأحد أركانه، شرعته السماء على يدي نبي الله إبراهيم (ع) ، وواظب عليه العرب قبل الإسلام والمسلمون بعده وهو أقسام ثلاثة: "حج التمتع، حج القران، حج الإفراد"؛ وأما العمرة فهي قسمان: "عمرة مفردة، وعمرة التمتع" ولكل من الحج والعمرة واجبات وأجزاء وشروط وآداب استوعبتها كتب مختصة بهما. .
ولكن هذه العبادة حجاً كانت أو عمرةً، قد يحرم لها شخص أو جماعة وحتى أمة من الناس، إلاّ أنهم قد لايوفقون لإتمام باقي مناسكها ومواقفها، لأسباب طارئة عليهم، كعدو يصدهم، أو مرض ينتابهم، فيحول بينهم وبين ما جاؤوا لأجله وهو الحج والعمرة، فأتى هذا الاستدراك الذي تحمله الآية، ليبين لهم الحالة التي حدثت لهم ووقعوا فيها، ويضع لها أحكاماً، تيسيراً لهم بما يتفق وروح الشريعة الموصوفة بالتسهيل والتيسير، وأداءً للطاعات مهما كانت العقبات، ووصولاً للهدف الذي ينشده الدين الحنيف: التقوى والتقرب إليه تعالى، وعدم حرمانهم حجاجاً كانوا أو معتمرين أجور حجهم وعمرتهم، بسبب ما أحيط بهم من عدو وما حل بهم من مرض أو خوف. . فثوابهم محفوظ وأجرهم مضمون، وحالهم حال من أتم حجه وعمرته، شريطة أن ينحروا ما معهم من الهدي، فيحلوا إحرامهم على تفصيل يأتي بين حالات الإحصار أوالصد، بين مانع المرض، أو الحبس، أو الخوف، ومنع العدو. . .
وقت النزول:
اختلف في وقت نزول هذه الآية، فريق ذهب إلى أنها نزلت في السنة السادسة للهجرة النبوية المباركة في الحديبية، اسم بئر قريبة من مكة وطريق جدة، طرف الحرم على تسعة أميال من مكة،