128به» قال: أخرجه في الأوْدية لا يقدرون عليه، فانطلق به حتى أنحره في الحرم.
وأجيب عن الآية بأنّ المخاطَب الآمنُ الذي يجد الوصول إلى البيت، فأمّا المُحْصَر فخارج من الآية بدليل نحر النبيّ (ص) وأصحابه هَدْيَهم بالحديبية وليست من الحَرَم.
وأما استدلالهم بحديث ناجية، فجوابه بأنّ هذا لا يصح، وإنما يُنحر حيث حلّ؛ قتداءً بفعله (ص) بالحديبية؛ وهو الصحيح الذي رواه الأئمة، ولأن الهَدْيَ تابع للمُهْدِي، والمهدِي حلّ بموضعه؛ فالمُهْدَى أيضاً يحل معه. 1هذان الحكمان على القول بأنّ هذا الحكم خاص بالمحصورين، وأما على القول الآخر أنه حكم لا يشمل المحصورين بل هو لغيرهم من عموم الحجاج وهم الذين أمروا بالإتمام ولم يتعرضوا للإحصار أو الصد، فهذا ابن كثير في تفسيره يذكر أنّ قوله: وَلاَ تَحْلِقُواْ رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ لْهَدْىُ مَحِلَّهُ معطوف على قوله: وَأتِمُّواْ لْحَجَّ وَلْعُمْرَةَ لِلَّهِ وليس معطوفاً على قوله: فَإِنْ اُحْصِرْتُمْ فَمَا سْتَيْسَرَ مِنَ لْهَدْىِ كما زعمه ابن جرير؛ لأنّ النبي (ص) وأصحابه عام الحديبية لما حصرهم كفار قريش عن الدخول إلى الحرم، حلقوا وذبحوا هديهم خارج الحرم، فأما في حال الأمن والوصول إلى الحرم، فلا يجوز الحلق حَتَّى يَبْلُغَ لْهَدْىُ مَحِلَّهُ ويفرغ الناسك من أفعال الحج والعمرة إن كان قارناً، أو من فعل أحدهما إن كان منفرداً أو متمتعاً؛ كما ثبت في الصحيحين عن حفصة أنها قالت: يا رسول الله ما شأن الناس حلوا من العمرة، ولم تحل أنت من عمرتك؟ فقال: «إني لبدت رأسي، وقلدت هديي، فلا أحل حتى أنحر» . انتهى.
وبالتالي تكون منى مكان الذبح كما صرح به سيد قطب: فلا يجوز حلق الرؤوس إلاّ بعد أن يبلغ الهدي محله، وهو مكان نحره، بعد الوقوف بعرفة، والإفاضة منها؛ والنحر يكون في منى في اليوم العاشر من ذي الحجة، وعندئذ يحل المحرم؛ أما قبل بلوغ الهدي محله فلا حلق ولا تقصير ولا إحلال.