294وفي هذا اليوم من ذي الحجة يوم التروية سنة ستين أعلن مسلم بن عقيل حركته في الكوفه قبل الأجل الذي بينه وبين الناس، وذلك بسبب استشهاد هانئ بن عروة، واجتمع إليه أربعة آلاف ينادون بشعار المسلمين يوم بدر: (يا منصور أمت) .
وقد نجحت حركته في بدايتها وأقبل الثوار نحو قصر الإمارة، فتحرز عبيد الله بن زياد، وغلّق الأبواب لعدم قدرته على المواجهة، لأنه لم يكن معه إلاّ خمسون رجلاً من الشرطة وبعض الأشراف والموالي، لكنه عمد إلى حيلة استطاع من خلالها تفتيت القوة المجتمعة حول مسلم بن عقيل، إذ صاح الخائفون المتحصنون معه في القصر: يا أهل الكوفة اتقوا الله ولا توردوا على أنفسكم خيول الشام، فقد ذقتموهم وجربتموهم، فتفرق الأربعة آلاف، ولم يبق منهم إلاّ ثلاثمائة مقاتل؛ و روى أنّ الرجل كان يأتي ابنه أو أخاه أو ابن عمه فيقول له: انصرف، والمرأة تأتي زوجها فتتعلق به حتى يرجع.
وفي اليوم نفسه - الثامن من ذي الحجة سنة ستين - توجه الحسين (ع) من مكة إلى العراق بعد مقامه بمكة من اليوم الثالث من شعبان؛ و كان قد اجتمع إليه مدة مقامه بمكة نفر من أهل الحجاز ونفر من أهل البصرة، وكان (ع) قد طاف وسعى وأحل إحرامه وجعلها عمرة لمّا بلغه أن يزيد أنفذ عمرو بن سعيد بن العاص في عسكر، وأمّره على الحاج وأوصاه بالفتك بالحسين أينما وجده، فكره الإمام الحسين (ع) أن تستباح به حرمة البيت.