291والحادثة تشير إلى أنه (ع) أوضح للحاضرين من شيعته وأتباعه من هو الإمام من بعده؛ لأن الشيعة يعرفون من خلال أئمتهم أنّ المعصوم لا يتولى تغسيله وتجهيزه ودفنه إلاّ خليفته المعصوم من بعده.
والإمام الباقر (ع) يمثل حلقة الوصل في استكمال الخطة التي بدأها الإمام زين العابدين (ع) وذلك بالسعي الدؤوب في بثّ علوم آل البيت (هم) ومواجهة مخططات التحريف ونشر الشبه والضلالات والأفكار الإلحادية من قبل الزنادقة والمخطط الأموي في الطمس والتعتيم على أحقية آل البيت (هم) في الإمامة السياسية والفكرية للأمة الإسلامية.
لقد أنشأ الإمام زين العابدين (ع) حلقات الدرس والمناظرات في مسجد جدّه رسول الله (ص) وتوسعت هذه الحركة الفكرية في زمن الإمام الباقر (ع) وبلغت ذروتها في زمن ولده الإمام أبي عبد الله جعفر بن محمد الصادق (ع) حيث كانت الدولة الأموية قد أوشكت على الانهيار.
وقد نقلت التفاسير وكتب الحديث والتاريخ عن الإمام محمد الباقر (ع) أحاديث وحوارات كثيرة حصلت بينه وبين رجال الفكر والعلماء المعاصرين له من أمثال نافع مولى عمر بن الخطاب، حيث التقى به في داخل البيت الحرام، وكان نافع قد ذهب إلى الحج مع الخليفة هشام بن عبد الملك، فنظر نافع إلى الإمام الباقر (ع) في ركن البيت وقد اجتمع عليه الخلق وقال: يا أميرالمؤمنين من هذا الذي قد تكافأ عليه الناس. فقال: هذا محمد بن علي، قال: لآتينه ولأسألنه عن مسائل لا يجيبني فيها إلاّ نبي أو وصي نبي، قال الخليفة هشام: فاذهب إليه لعلك تخجله؛ وذهب نافع والتقى الإمام