165ممّا لا يلائم سياق الآية، وهؤلاء هم الذين حرّموا أكل ما يخرجه البحر ميّتاً، ويردّ قولهم ما ثبت عن رسول الله (ص) أنّه قال في البحر: «هو الطهور ماؤه الحِلّ ميتته» وحديث جابر في الحوت المسمّى العنبر، حين وجدوه ميّتاً، وهم في غزوة، وأكلوا منه، وأخبروا رسول الله، وأكل منه رسول الله (ص) .
يقول القرطبي في تفسيره: وَلِلسَّيَّارَةِ فيه قولان: أحدهما للمقيم والمسافر كما جاء في حديث أبي عُبيدة أنهم أكلوه وهم مسافرون، وأكل النبي (ص) ، فبيّن الله تعالى أنه حلال لمن أقام، كما أحله لمن سافر؛ الثاني: أن السيَّارة هم الذين يَركبونه، كما جاء في حديث مالك والنَّسائيّ: "أنّ رجلاً سأل النبي (ص) فقال: إنا نركب البحر ونحمل معنا القليل من الماء، فإن توضأنا به عطشنا أفنتوضأ بماء البحر؟ فقال النبيّ (ص) : «هو الطّهُورُ ماؤُه الحِلُّ ميْتتهُ» . .
وابن عاشور يقول: استئناف بياني نشأ عن قوله:
يَا أيُّهَا الَّذيِنَ آمَنُوا لاَ تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأنْتُمْ حُرُمٌ فإنّه اقتضى تحريم قتل الصيد على المحرم وجعل جزاء فعله هدي مثل ما قتَل من النعم، فكان السامع بحيث يسأل عن صيد البحر، لأنّ أخذه لا يسمّى في العرف قتلاً، وليس لما يصاد منه مثل من النعم، ولكنّه قد يشكّ لعلّ الله أراد القتل بمعنى التسبّب في الموت، وأراد بالمثل من النعم المقاربَ في الحجم والمقدار، فبيّن الله للناس حكم صيد البحر وأبقاه على الإباحة، لأنّ صيد البحر ليس من حيوان الحرم، إذ ليس في شيء من أرض الحرم بحر. . إنّ أصل الحكمة في حرمة الصيد على المحرم هي حفظ حرمة الكعبة وحرمها،