71
وَ للهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً ، تصرح بأنّالحج واجب مشروط بالاستطاعة، والاستطاعة يراد منها على ما هو محقق في محله أنّها استطاعة عرفية، وهي تتحقق للإنسانإذا قام برفع حاجاته الاقتصادية والنفسية في الحضر، والذي يوجس في نفسه حاجة إلى الزواج مع توفر المال بقدر مصارف النكاح أو الحج فقط، فهو لايعتبر عند العرف مستطيعاً؛ لأنّه كالذي يريد السفر و لايستطيع تهيئة ما يحتاج إليه اقتصادياً أو نفسياً في الحضر، فهذا لايستطيع السفر بحال من الأحوال؛ وكذا الحال في مورد بحثنا، فهو مادام لميتوفر عنده إضافةً إلى مصارف النكاح ما يكفيه للحج، فليس بمستطيع عرفاً؛ إذن، فالنكاح مقدم على الحج في التزاحم مطلقاً.
بعبارة أخرى: أنّالقول بالاستطاعة الشرعية، وترجيح الحج على النكاح؛ لصدق الاستطاعة على من عنده القدرة المالية إما للحج أو للنكاح فقط، ثم إخراج موارد حصول المشقة أو مظنة الوقوع في الحرام، ترجع إلى التخصيص وحكومة قاعدة العسر والحرج، لكنّ القول بالاستطاعة العرفية، وترجيح النكاح على الحج في عامة الموارد، ترجع إلى التخصص؛ لأنّالنكاح يعتبر من الحاجات الطبيعية للإنسان، وهو من الحاجات الأولية ومقدم على الحج المشروط بالاستطاعة العرفية.
بناءاً على هذا، إذا تزاحم الحج مع النكاح تقدم النكاح على الحج في عامة الموارد؛ لأنّالحاجة لها مراتب قد يكون تركها موجباً للمرض والحرج والمشقة، وقد يكون في تركها مظنة الوقوع في الحرام، وقد يكون عنده حاجة نفسية إلى النكاح من دون هذه الفروض، فالنكاح مقدم على الحج مطلقاً، و في كل الفروض الأربعة المذكورة في تقرير المسألة.
وبعض الفقهاء اعتبر الملاك في استثناء ضروريات المعاش؛ الحاجة، وجعل منها فرسه أو سيارة ركوبه، وسائر ما يحتاج إليه بحسب حاله وزيّه وشرفه، ولميعتبر الحاجة الفعلية النفسية والجنسية حاجة، حيث قال: لايجوز صرف المال في النكاح دون الحج، إلاّإذا كانالتزويج بالنسبة إليه ضرورياً، إمّا لكون تركه مشقة عليه أو موجباً لضرر و. . . . 1وقد استشكل بعض الأعلام على تقديم النكاح على الحج قائلاً: إنّمجرد العلمبالوقوع في الحرام اختياراً لايكون مجوزاً لترك الحج؛ لعدم استناده إلى الحج، بل إنّما يرتكبه بسوء الاختيار، واللازم عليه تركه، و لاينافي ذلك كونه مكلفاً بإتيانالحج.
وبعبارة أخرى: يلزم على المكلف أمران: ترك الزنا و إتيان الحج، ومجرد العلم بإتيان الزنا اختياراً لايوجب سقوط الحج، بل يجب عليه الحج كما يحرم عليه الزنا، ونظير المقام ما لو علمالحاج أنّه لو صرف ماله في طريق الحج لسرق من أموال المسلمين ليتدارك ما صرفه من أمواله، و لايتوهم أحد سقوط الحج في مثل ذلك. . . 2وفي هذا نظر: