58
التزاحم بين الحج والفرائض الآخرى (2)
4- تزاحم الحج والنذر
تحرير المسألة:
لو نذر أو عاهد بما يزاحم أداء الحج في سنة واحدة، أو في سنوات، كمن نذر أنيزور الإمام الحسين (ع) في يوم عرفة من كل سنةثم تحققت عنده الاستطاعة للحج، فأيهما يؤدي؟ فإن أدى زيارة الإمام الحسين كما هو مضمون نذره فلابدّ أنيترك حجة الإسلام طيلة عمره؛ وإن أتى بحجة الإسلام، فلابدّ له من ترك العمل بالمنذور.
أو كمن نذر أنيصرف مقداراً من المال للزيارة أو التعزية أو نحو ذلك، بحيث لو صرف المال فيما نذر لزالت الاستطاعة، فهل يجب عليه الحج أم لا؟ وكذا يمكن أنتحصل الاستطاعة قبل النذر، فما هي وظيفة المكلف وفق الرأي الفقهي؟
تاريخ المسألة و صورها:
لايخفى أنّهذه المسألة قد طرحت في كلمات الفقهاء القدامى في الحج الندبي، ثم لما اشتغل صاحب الجواهر - كما حكى المشايخ - بتأليف كتاب الجواهر، أحسّ أنإتمام المشروع رهن صبّ الجهود على التأليف، وعدم الاشتغال بشيء آخرلسنتين؛ ولذلك نذر أنيزور الحسين (ع) في كلّ عرفة حذراً من تعلق وجوب الحج عليه إذا استطاع، كي لايواجه المشروع بمخاطر قبل إنجازه في حياته، فصار ذلك سبباً لطرح هذه المسألة، 1بين المتأخرين مفصلاً.
وبذلك تنحصر المسألة فى أربع صور:
الأولى: لو نذر المستطيع حجة الإسلام مقيداً بكونها في سنة الاستطاعة.
الثانية: لو نذر غير المستطيع حجة الإسلام مقيداً بكونها في سنة خاصة ثم استطاع في نفس السنة.
الثالثة: لو نذر غير المستطيع غير حجة الإسلام في سنة خاصة أو في عامة السنوات ثم حصلت الاستطاعة.
الرابعة: لو نذر المستطيع غير حجة الإسلام مقيداً بكونها في سنة الاستطاعة.
إنّالصورتين الأوليين خارجتانعن محل البحث، وهو تزاحم الحج والنذر؛ لأنّه إذا نذر حجة الإسلام قبل الاستطاعة أو بعد الاستطاعة انعقد النذر، وكلاالحالتين تتداخلانفي النتيجة؛ لأنّه قام بامتثال ما نذر و هو الحج الواجب للمستطيع، ولايمكن فرض التزاحم بين الحج والنذر.
بقيت الصورتان الثالثة والرابعةللدراسة والبحث والنقد تفصيلاً، نبدأ على حسب الترتيب:
الصورة الثالثة:
و هي أنّه لو نذر غير المستطيع غير حجة الإسلام في سنة خاصة، أو في عامة السنوات، ثم حصلت الاستطاعة، هل يجب عليه حجة الإسلام أو يجب إتيانالمنذور؟ وأيّهما يقدم؟