41وأمثالهما، كما قال النبي نوح (ع) : رَبِّ اغْفِرْ لِي وَ لِوالِدَيَّ وَ لِمَنْ دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِناً 1من ناحية أخرى، لا تقف مصاديق البيوت الواردة في الآية الشريفة: فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللهُ أَنْ تُرْفَعَ 2عند المساجد وأمثالها، بل تتعدى لمشاهد المعصومين (عليهم السلام) ، كما أنه - بالاستعانة مما قدمناه - تشمل مقام الرسالة والولاية والإمامة أيضاً.
ويؤيد ماذكرناه حديث جاء فيه أنّ قتادة جاء إلى الإمام الباقر (ع) : . . . والله لقد جلست بين يدي الفقهاء وقدام ابن عباس، فما اضطرب قلبي قدام أحد منهم ما اضطرب قد امك. فقال له ابوجعفر (ع) : «أتدري أين أنت؟ أنت بين يدي بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه. .» . 3فمقام الرسالة والولاية والإمامة بيت الله الرفيع؛ على هذا، من المناسب للزائرين أن لايدخلوا إلى حرم أئمة البقيع (عليهم السلام) بأحذيتهم، فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ إِنَّكَ بِالْوادِ الْمُقَدَّسِ طُوىً 4وليس من التجليل لهذه الذوات النورانية أن يرمي الزائر نفسه على القبر، بل من الأدب والاحترام أن يكسب إذن الدخول أولاً عند ما يرد البقيع، ثم يدخله حافياً وبهدوء وتروٍّ، وبكل مظاهر التواضع، وعندما تجري علىلسانه أسماء الحسن بن علي المجتبي وعلي بن الحسين السجاد، ومحمد بن علي الباقر، وجعفر بن محمد الصادق (عليهم السلام) أو يرى قبورهم يشعر باللذة، ويمكنه أن يقول: «فما أحلى أسماءكم. . .» . 5وما أحلى أثركم وما أشدّ جاذبية قبوركم.
وفي هذه الحال وهذا المقام، إذا أحسّ الإنسان في نفسه بتغيّر حالته، فعليه أن يعلم بأنّ هؤلاء الأئمة المعصومين (عليهم السلام) قد تركوا - بإذن الله تعالى - أثراً، إن نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الأَْمِينُ * عَلى قَلْبِكَ . 6أخذ يتحدّث إلى قلوب الزائرين، إذا شعر الزائر بتغير حاله، فليعلم أنّ هذه الذوات النورانية تتحدث معه، وفي غير هذه الحالة ستكون زيارته بدون روح، ومثل هذه الزيارة وإن لم تعدم الثواب، ألاّ أنهّا كعدمها على المستوى الباطني، وعليه أن يتضرّع إلى الله تعالى كي لايظلّ محروماً من نيل هذا الفيض العظيم.
إنّ قساوة القلب، وجمود العين الناشئين من الميل إلى الدنيا، لايسمحان للإنسان بالإحساس بنور الأئمة المعصومين (عليهم السلام) ، وبسماع كلماتهم، بأذن القلب والروح.