12فإنّ الشرط - أعني: عدم تقدم المأموم - محفوظ في جميع الحالات.
وبذلك يعلم أنّ مجرّد كون المأموم خلفاً أو جانباً بحسب الدائرة البركاليّة، لا يلازم عدم أقربيّته إلى الكعبة من الإمام، ضرورة زيادة جوانب الكعبة، بل لابدّ أن تكون الدائرة الّتي وقف عليها المأموم أوسع من الدائرة الّتي وقف عليها الإمام على نحو يكون الإمام أقرب إلى الكعبة من المأموم في عامة الحالات.
وأمّا لوكان الميزان في التقدم هو نفس موقف الإمام مع قطع النظر عن الأقربية والأبعدية بالنسبة إلى الكعبة، فحينئذ لو وقف المأمومون على نفس الدائرة الّتي وقف عليها الإمام لصدق عدم التقدم، وهذا واضح، مثلاً: لو أمر الضابط الجنود أن يقفوا بشكل دائري، فوقفوا على خط دائري جنباً إلى جنب، فيصدق عدم تقدّم أحدهم على الآخرين.
وإلى ما ذكرنا يشير صاحب الجواهر بقوله: بإمكان دعوى صدق الخلْف أو الجانب، إذ هما بالنسبة إلى كل واحد بحسبه ولو بملاحظة الدائرة البركالية. 1والمتبادر من معاقد الاجماعات والإشارات الواردة في الروايات أنّ الميزان عدم تقدّم المأموم على موقف الإمام من دون لحاظ الجهة الّتي يتّجهون لها.
وبعبارة اُخرى: الملاك في تحقّق هذا الشرط موقف كل من الإمام و المأموم في غير المسجد الحرام باتفاق الفقهاء، فلابد أن يكون هو أيضاً نفس الملاك في المسجد الحرام أيضاً، وإلاّ يجب أن يلتزم بأحد أمرين:
أن يكون الملاك في غير المسجدالحرام هو موقف الإمام والمأموم، و أمّا في المسجدالحرام فالملاك هو الكعبة، بأن لا يكون المأموم أقرب إلى الكعبة من الإمام.
مراعاة كلا الأمرين.
والأوّل أمر غريب لعدم الدليل على التفريق بين المسجد الحرام وسائر الأمكنة، والثاني موافق للاحتياط ولكن ليس لاعتبار الجمع دليل صالح.
وبذلك يظهر أنّ مشكلة تقدّم المأموم على الإمام في الصلاة الاستدارية إمّا غير متحقّق مطلقاً، إذا قلنا بأنّ الميزان هو ملاحظة موقف الإمام، و إمّا غير متحقّق في بعض الدوائر ومتحقّق في البعض الآخر.
الثانى: إشكال المواجهة
الإشكال الثاني في المسألة هو لزوم المواجهة، بأن يكون المأموم مواجهاً للإمام دون أن يكون في جنبه أو خلفه، وتظهر المواجهة بوضوح في النصف الثاني من الدائرة، مع أنّه أمر غير معهود، ولذلك اشترط بعض القائلين بالجواز بكون استقبال الإمام و المأمومين إلى جهة واحدة، إذ لو قيل بالجواز مطلقاً يلزم جواز الجماعة في داخل الكعبة على التعاكس، بأن يكون وجه كل منهما إلى الآخر وهو ممّا لا مجال للالتزام به. 2والحق أنّ هذا الاشكال يستحق التأمّل، وما دلّ على جواز إقامة الصلاة جماعة منصرف إلى الفرد الشائع، وأما هذا الفرد النادر فإطلاق الأدلة على فرض وجوده منصرفة عنه.