188أمر محرّم، تبغضه السماء، و يجب تطهير البيت الحرام منه، و هذا لايعني أن غيرالبيت الحرام يصح فيه معالم الشرك، لا أبداً، فالشرك يجب تطهير الأرض كل الأرض منه، و لكن هذا التطهير و وجوب القيام به آكد و أشد في هذه البقعة، و حرمة الشرك فيها أبلغ و أعظم. . فإنّ الشرك بالله أمر خطير، و هو رجس يلوث كل شيء يصيبه، و يفقده دوره، و يسلبه خصائصه و مقوماته، و بالتالي يعطله و يعجزه و يسقطه في الهاوية، أنظر إلى الآية القرآنية، كيف تصور مصير الإنسان المشرك: ( وَ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَكَأنّمَا خَرَّ مِنَ السَّماءِ فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أوْ تَهْوِى بِهِ الرِّيحُ فِى مَكانٍ سَحِيقٍ ) . 1إنّه مشهد الهويّ من شاهق ( فَكَأنمّا خَرَّ مِنَ السَّماءِ ) ؛ و في مثل لمح البصر يتمزق ( فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ ) أو تقذف به الريح بعيداً بعيداً عن الأنظار: ( أوْ تَهْوِى بِهِ الرِّيحُ فِي مَكانٍ سَحِيقٍ ) في هوة ليس لها قرار! و الملحوظ هو سرعة الحركة مع عنفها، و تعاقب خطواتها في اللفظ " بالفاء " و في المنظر بسرعة الاختفاء. . على طريقة القرآن الكريم في التعبير بالتصوير؛ و هي صورة صادقة لحال من يشرك بالله، فيهوي من أفق الإيمان السامق إلى حيث الفناء و الانطواء، إذ يفقد القاعدة الثابتة التي يطمئن إليها، قاعدة التوحيد، و يفقد المستقر الآمن الذي يثوب إليه، فتتخطفه الأهواء تخطف الجوارح، و تتقاذفه الأوهام تقاذف الرياح، و هو لايمسك بالعروة الوثقى، و لايستقر على القاعدة الثابتة، التي تربطه بهذا الوجود الذي يعيش فيه". 2فكيف يترك هذا الدور للشرك، و يفعل فعلته هذه في الناس، و قد خلق الله تعالى الإنسان و أسند له دور الخلافة، و ليس هناك في الدنيا دور